فاتورة الكهرباء وإثبات الهوية

 

طالب المقبالي

muqbali@gmail.com

 

لم أكن أتصور يوماً أن تُصبح فاتورة الكهرباء هي الوثيقة الأهم لإثبات الهوية والسكن من البطاقة الشخصية وجواز السفر الذي أجوب به الكرة الأرضية من أقصاها إلى أقصاها.

قبل أيام اضطررت لفتح حساب بنكي في العاصمة مسقط، وأوَّل سؤال وجهه لي موظف الاستقبال هل لديك فاتورة كهرباء؟ ولم يسألني إن كنت أحمل معي بطاقتي الشخصية التي من المفترض أن تثبت هويتي، فقلت له لا ليس لديَّ فاتورة كهرباء لأنَّ العقار الذي اشتريته هنا في مسقط به عداد مُسبق الدفع وليس به فاتورة، فقال عليك الذهاب إلى مكتب شركة مسقط للكهرباء لإحضار فاتورة، فكيف لي أن أحضر فاتورة وعداد سكني لا يُمكن أن تصدر له فاتورة وهو عداد إلكتروني مُسبق الدفع، فهل المطلوب إحضار إثبات برقم الحساب أو ما شابه ذلك؟.

على كل حال لم أطل الحوار معه، فقلت له إنني من سكان ولاية الرستاق بمحافظة جنوب الباطنة، وسكني في مسقط حديث لكنني حتى في الرستاق عدادات الكهرباء في منزلي بالرستاق حولتها إلى عدادات مسبقة الدفع، لكنني أحتفظ بفواتير قديمة للكهرباء فهل تصلح؟ قال نعم تصلح، فتعجبت للقوة التي تفوقت بها فاتورة الكهرباء على جواز السفر أو البطاقة الشخصية، فاضطررت لتسجيل بيانات سكني في الرستاق، وقد كنت أنوي تدوين سكني الجديد في هذا الحساب الذي افتتحته في مسقط نظراً لما يحتويه عنوان السكن في مسقط من بيانات متكاملة لاسم الشارع، ورقم السكة ورقم البناية الذي لا يتوفر في ولاية الرستاق، وهذا الأخير مطلب مهم من بيانات الاستمارة التي قمت بتعبئتها لفتح الحساب واضطررت في الأخير إلى كتابة رسالة موجهة إلى مدير البنك للاعتذار فيها عن خلو سكني في الرستاق من هذه البيانات، وبذلك تنازلت عن تدوين بيانات سكني الجديد في الحساب الجديد، كما اضطررت لذكر معلم من المعالم القريبة من سكني، وكان هذا المعلم هو إحدى المدارس الحكومية!

وهناك موقف أغرب من فتح حساب بنكي، حيث انتهت صلاحية بطاقتي الشخصية التي من المُفترض أن تثبت هويتي لما تحتويه من بيانات دقيقة وبها تصديق إلكتروني PKI وبها بياناتي الشخصية، ومن خلالها يستطيع النظام الإلكتروني إظهار بياناتي وبيانات أسرتي وزوجتي وأولادي جميعاً وحتى والداي المتوفيين كما أعلم من خلال تعاملي مع النظام الإلكتروني في العمل سابقاً لجلب البيانات المدنية الشخصية لصاحب البطاقة، وفي نهاية الأمر حتى البطاقة الشخصية والجواز الذي صدر باسم جلالة السُّلطان المُعظَّم لم يشفع لي في الإصدار أو التجديد دون إحضار فاتورة الكهرباء، عند إذن قلت للموظف لم أكن أعلم أنَّ تجديد البطاقة يتطلب إحضار فاتورة الكهرباء ولذلك لم أحضر الفاتورة لكنني أحتفظ بجميع الوثائق الخاصة بي عبر التخزين السحابي في الإنترنت ويمكنني إرسالها إليكم عبر البريد الإلكتروني، والحمد لله قد تمَّ ذلك، وقد تم طباعة الفاتورة ورقياً.

والغريب في الأمر أنَّ الفاتورة الورقية المطبوعة قد أعيدت لي ولم تحفظ مع البطاقة القديمة.

وكذا الحال بالنسبة لتجديد السيارات أو نقل ملكياتها أو إصدار شهادات الميلاد، وربما شهادات الوفاة الذي لن أعلمه لأنَّ من سيستخرج شهادة وفاتي هم أقاربي ولله الأمر من قبل ومن بعد.

وبالسؤال عن سر قوة فاتورة الكهرباء أخبرني البعض أنها تثبت عنوان السكن سواءً لمالك العقار أو المستأجر، وهذا الأمر يهم القائمين على التعداد للسكان والمساكن، ومع ذلك فإنني أرى أنَّ البطاقة الشخصية تمتك من القوة ما يجعلها الوثيقة الأهم على الإطلاق لإثبات الهوية والسكن، فإذا ما كان هناك نقص في العنونة فإنِّه ينبغي أولاً الاهتمام بنظام العنونة في الولايات والمحافظات دون الحاجة إلى فاتورة الكهرباء لإثبات ذلك.