المادة 377 من قانون المعاملات المدنية

 

د. مصطفى راتب **

** أستاذ مساعد بكلية البريمي الجامعية

 

دعوى صحة ونفاذ عقد البيع تعد وسيلة لإجبار البائع على تنفيذ التزامه بنقل الملكية تنفيذاً عينياً يحصل بموجبها المشتري على حكم يقوم مقام تسجيل العقد في نقل الملكية فإذا امتنع البائع عن تنفيذ التزامه بنقل الملكية والقيام بالأعمال اللازمة لذلك جاز للمشتري إجباره على تنفيذ هذا الالتزام عيناً وذلك عن طريق الدعوى سالفة الذكر.

وقد ألقت المادة 377 من قانون المعاملات المدنية العماني على عاتق البائع عبء القيام بكل ما هو ضروري لنقل الملكية إلى المشتري كما نصت المادة (59/هـ) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية العماني "إذا كانت الدعوى بطلب صحة عقد أو إبطاله أو فسخه، تقدر قيمتها بصحة المتعاقد عليها وبالنسبة إلى عقود البدل تقدر الدعوى بأكبر البدلية قيمة".

ويتبين من تلك النصوص أنه إذا أخل أحد طرفي العقد الابتدائي بالتزامه بإبرام العقد النهائي كان للطرف الآخر إذا لم يكن مخلاً بالتزاماته أن يطلب الحكم في مواجهته بصحة العقد الابتدائي ونفاذه .

وتنطبق هذه الدعوى على كافة العقود بما فيها البيع العقاري يرفعها المشتري في مواجهة البائع أو ورثته فإذا امتنع الأخير عن القيام بالأعمال الضرورية لتسجيل العقار المبيع وذلك بغرض إجباره على القيام بهذه الأعمال وليس ثمة ما يمنع أن يرفعها البائع على المشتري أيضًا.

وتعد دعوى صحة ونفاذ عقد البيع دعوى شخصية يستند فيها المشتري إلى حقه الشخصي المتولد عن عقد البيع غير المسجل فهو لا يُطالب بتثبيت ملكيته فهو ليس مالكاً بعقد مسجل، كما تتميز بأنها دعوى عقارية الهدف منها الحصول على حق عيني على عقار لذا تختص بها المحكمة التي يقع في دائرتها العقار أو محكمة موطن المدعى عليه.

كما أن دعوى صحة التعاقد دعوى موضوعية تتناول حقيقة التعاقد ومداه ونفاذه والحكم الصادر فيها مقررا لا منشئاً يبحث أساس ملكية البائع للعقار وشروط صحة العقد وأركانه وما يتعلق بالثمن والصورية وخلافه.

وفي حالة وفاة المشتري يجوز لورثته رفع دعوى صحة التعاقد على البائع أو ورثته في حالة وفاته.

في الواقع العملي نجد ثمة بيع يقوم فيه البائع (س) ببيع العقار إلى مشتري أول (ع) وقبل أن يقوم المشتري (ع) بتسجيل العقد يقوم ببيعه إلى مشترٍ ثانٍ وهو (م) فهل يجوز للأخير (م) رفع دعوى مباشرة على البائع له (ع) وهو المشتري الأول أم يرفعها على البائع الأصلي (س) ؟ أجاز القانون العماني للمشتري الثاني (م) استعمال حق المشتري الأول (ع) وذلك عن طريق الدعوى غير المباشرة حيث إنه لا فائدة من رفع المشتري الثاني (م) دعوى مُباشرة على البائع له(ع) وهو المشتري الأول طالما أنه لم يسجل سند ملكيته ولما كان نظر الدعوى والحكم فيها يستغرق عادة وقتاً يمكن فيه للبائع التصرف مرة أخرى في العقار بالبيع أو الرهن أو غير ذلك لذلك أوجب المشرع العُماني بالمادة (36) من قانون التسجيل العقاري شهر دعوى صحة التعاقد بتسجيل صحيفتها بعد إعلانها وقيدها بجدول المحكمة وبذلك يصبح المشتري في مأمن من تصرفات البائع وعند حصول المشتري على حكم بصحة ونفاذ عقد البيع الذي يؤشر بمنطوق الحكم النهائي على هامش تسجيل الصحيفة وعندها يكون الحكم حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الصحيفة وحتى صدور الحكم شريطة تسجيل الحكم خلال سنة من تاريخ صيرورته نهائياً ولكل ذي شأن أن يطلب من أمين السجل العقاري محو هذا التأشير إذا قضى برفض الدعوى أو انتهت دون تقرير حقوق أخرى خلاف ما هو ثابت بالسجل مادة (36) من قانون السجل العقاري العماني .

دعوى صحة ونفاذ عقد البيع لا تسقط بالتقادم والبائع ملتزم بضمان عدم التعرض للمشتري وهو التزام أبدي لا يسقط بالتقادم ويتولد عقد البيع ولو لم يشهر ولا يجوز للبائع أن يمتلك المبيع بعد بيعه بعقد عرفي بوضع اليد المدة الطويلة .

والفرق بين دعوى صحة التعاقد ودعوى صحة التوقيع واضح من حيث إن المطلوب في دعوى صحة التوقيع هو مجرد إثبات أن التوقيع الذي تحمله ورقة البيع العرفية هو توقيع البائع الذي يمتنع عن الذهاب إلى الجهة المختصة للتصديق على توقيعه تمهيدا للتسجيل ويلجأ المشتري إلى رفع دعوى بصحة توقيع العقد ومن ثم يجوز للمشتري أن يختصم مع البائع لكي يقر البائع بأنَّ الورقة العرفية موقع عليها بإمضائه أو بختمه أو ببصمة أصابعه ويكون ذلك بدعوى أصلية والإجراءات المعتادة .

ودعوى صحة التوقيع: دعوى تحفظية الغرض منها فقط ثبوت توقيع البائع على عقد البيع وتتعرض لظاهر العقد دون النواحي الموضوعية وهي لا تنقل الملكية فتقتصر مهمة المحكمة في دعوى صحة التوقيع على التحقيق فقط من نسبة صدور الورقة إلى المدعى عليه أو عدم نسبته إليه دون أن تتعرض لأصل الحق الوارد بها .

وتتقادم دعوى صحة التوقيع بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ توقيع الورقة شأنها في ذلك شأن سائر الدعاوى ويسقط حق المشتري في إثبات صحة التوقيع وأخيراً يجوز للمشتري أن يرفع باسم البائع له على البائع دعوى صحة التعاقد ولا يجوز أن يرفع دعوى صحة التوقيع.