تعجيل الاستثمار الترفيهي

 

د. حميد بن فاضل الشبلي

Humaid.fadhil@yahoo.com

 

تعودنا في الفترة المنصرمة أن نُلقي اللوم على المُواطن الذي يبحث عن بيئة الترفيه خارج حدود الوطن، وخاصة عندما تحل المُناسبات الوطنية والدينية التي يتبعها منح إجازات في هذا الخصوص، لذلك نجد أنَّ طوابير المُغادرين عبر الحدود البرية تصل لعشرات الكيلومترات، وكذلك الأمر بالنسبة للمغادرين عبر مطار مسقط للوجهات السياحية الخليجية والعربية والعالمية، وهنا يحدث سجال ونقاش عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لماذا لا يتم الاستفادة من ملايين الريالات في السوق المحلي بدلاً من إيداعها في أسواق ومنتجعات سياحية خارج البلد.

الحقيقة أنَّ مُناقشة هذا الموضوع تحتاج نوعاً من الحيادية والشجاعة والواقعية، ولذلك عندما نأتي لتقييم البيئة السياحية المُتاحة والمتوفرة في المجتمع، نجد أنَّه وللأسف الشديد الواقع يقول إنَّ المواقع السياحية والترفيهية والخدمات الحالية لا تليق بمرحلة القرن الواحد والعشرين، حيث إنه لا جديد يذكر ولا قديم يعاد، الراحة والترفيه والخدمات التي يبحث عنها السائح المحلي وكذلك القادم من الخارج،لا تتناسب مع ما يشهده العالم من نقلة نوعية كبيرة في مفهوم السياحة الجاذبة، كما أنَّ الحراك السياحي للمنشآت الترفيهية في المجتمع العماني منذ أكثر من عشرين سنة يمشي كمشي السلحفاة، لذلك فإنَّ الاستثمار السياحي المحلي والخارجي مشلول في أغلب محافظات السلطنة، فالسائح في كل مكان يبحث عن سكن نظيف وبسعر معقول، يبحث عن مواقع تسلية وترفيه وتغذية وتسوق تكون قريبة من السكن الذي يأوي إليه، ويبحث عن مواقع يستمتع فيها الصغير والكبير الذكر والأنثى، فهل هذه المقومات متواجدة في مجتمعنا مما يوفر على المواطن الراحة من العناء والمشقة والصرف الكبير في حال توجهه إلى أي وجهة سياحية خارج الوطن.

 

 

أستطيع الجزم بأنَّ الجميع يتفق في أن الاستثمار الترفيهي في بلدنا يكاد يكون معدوماً ما عدا بعض المواقع في محافظتي مسقط وظفار، ناهيك عن أن المنتجعات السياحية والفنادق الراقية لا يُمكن للمواطن صاحب الدخل المتوسط ولن نقول الضعيف الدخول إليها، أسعار فاقت الخيال وكأنَّ هذه المنشآت أعدت للسائح الأجنبي الذي لا يفرق معه قيمة السعر، نظراً لفارق العملة الذي يخدمه في هذا الموضوع.

عندما نأتي لوضع الحلول لهذه المسألة التي تُؤرق المجتمع أفراداً ومؤسسات، نتذكر أنَّ هذا الوطن حباه الله بنعم كان بالإمكان أن تكون الوجهة الأولى للسياحة العالمية، مجتمع كريم ومتسامح وبلد نظيف أكرمه الله بنعمة الأمن والأمان، بلد تتنوع فيه التضاريس وتنتشر فيه المواقع الأثرية والمعالم التاريخية، لذلك يجب علينا الإسراع في إطلاق العنان أمام الاستثمار السياحي الترفيهي سواء كان استثماراً محلياً أو خارجيًا.

في مقال سابق تحدثت فيه حول الاستفادة من موقع طريق الباطنة السريع، من أجل دعم اقتصاد وموازنة الدولة، أتمنى على طول هذا الطريق أن تتوزع المشاريع الاستثمارية في مجال الترفيه غير الموجود حتى الآن، جميل أن يكون هناك مواقع لحدائق الحيوان والأسماك والطيور والزهور والنباتات، جميل أن نجد حدائق الألعاب الكهربائية والتسلية الأخرى التي دائماً ما تبحث عنها العائلات في وقت الإجازات، عالم السيارات والفضاء والثلوج والمخيمات الصحراوية من الأشياء التي تجذب السائح وتدفعه للبحث عن مثل هذا الترفيه، كما أنَّ منح مواقع للفنادق والمنتجعات السياحية ربما يُساعد في عملية المنافسة لكسر الأسعار الخيالية التي تشهدها كثير من المنشآت في الوقت الراهن.

في الختام مرت علينا أكثر من عشرة شهور الجميع لزم فيها المكان، حيث تمنيت من المؤسسات المعنية بهذا الموضوع، أن تستغل هذا الجمود في تدشين مشاريع سياحية ترفيهية في السلطنة، لكي تستقطب الانفجار الذي سيولده انتهاء فيروس كورونا قريبًا بإذن الله، حيث يستعد الناس من الآن للخروج للراحة والسياحة والتسلية نتيجة الكبت والجلوس طوال الفترة الماضية في منازلهم، فهل نحن جاهزون لهذا الحراك السياحي المتوقع، أم سنظل نعاتب المغادرين لماذا يذهبون للتبضع والتنزه والاستجمام خارج الوطن، كما أجدد الدعوة لسرعة تعجيل الاستثمار الترفيهي في مختلف محافظات السلطنة، إن أردنا تحريك عجلة الاقتصاد العُماني بالاستفادة من التداول بالريال العماني ومعه عملات الدول الأخرى.