إسماعيل بن شهاب البلوشي
قبل مدة كان الحديث عن الشفافية والوضوح يُغطي مساحات واسعة من وسائل التواصل الاجتماعي، ومن خلال بعض الإعلانات عن مشاريع وطنية استوقفني واحدٌ منها، وكان عبارة عن إعلان إنشاء منظومة لحماية محافظة مسقط من الفيضانات بتكلفة حوالي 196 مليون دولار، وتشمل المنظومة سد الجفنين (السيب) سد الجفينة (العامرات)، وقد حاول من قدم وصاغ وصف المشروع أن يظهر المشروع على مهم للغاية وأنه تطلب الاستعانة بخبراء على مستوى رفيع كي يتقبَّل صاحب القرار والعامة صرف الأموال التي وصل أمرها إلى ما وصل إليه، فحينما ربط الإعلان عن هذا الرقم الذي وصل إلى ملايين الريالات بحماية مسقط فقد أبدع لمعرفته بأنَّ مجرد ذكر حماية مسقط فلا مال في الدنيا يُساوي ذلك أما من أضاف إليه منظومة وكأنَّه لا يعلم أن هناك من يعرف تماماً ماذا يعني مصطلح المنظومة وبغرض التقريب لا للمُقارنة أو التشبيه فإنَّ منظومة الدفاع الجوي مثلاً في بعض دول العالم تتحدث عن شبكات رادار الدولة والرادارات التعبوية والمتحركة وطائرات الاعتراض والصواريخ البعيدة المدى والمتوسطة والقريبة والمدافع الرشاشة بأنواعها وشبكة الاتصالات والحرب الإلكترونية ونظام التعارف كل هذا وأكثر يطلق عليه منظومة، وهناك من يطلق اسم المنظومة على نوع من الصواريخ بكامل مُلحقاته فإذا كان الإعلان لم يتضح لي وأنَّه يعني عشرين سداً حول مسقط لا سدين فقط، وربطها ببعضها وربط سد وادي ضيقة معها مع عمل محطة تنقية للمياه وإغلاق محطات التحلية فإنَّ ما يقرب من 200 مليون هو سعر عادل للجميع ويمكن أن نطلق عليها منظومة أما سدين أو حتى 6 إذا أضفنا محافظتين أخريين وردتا بالإعلان مثلاً فهذا المبلغ والذي ذكرت سابقاً أن التجربة الفعلية للمواطنين كانت مذهلة في الفارق وكذلك فإنَّ السدود التي محتواها الصخور من نفس الأودية والخرسانة غير المسلحة فإنه وبحساب الكميات فيمكن وبهذا المبلغ أن يكتفي الوطن وفي كل أرجائه من السدود والتي أرى من وجهة نظري أن نستثمر فيها وأن نُعطيها أولوية قصوى لأنَّ الزمن لا يُؤتمن وأن عمان وإن استغلت أوديتها ومصادر مياهها يمكن أن تكون شيئاً آخر في هذا المجال، ويمكن أن تكتفي غذائياً ثم إنه ولمعرفة المعلن فإنَّ محافظة مسقط ليست في التصنيف العالمي منطقة فيضانات ولا تستحق أن يلصق بها هذا الوصف لأنها ليست تحت سطح البحر أما ما يُمكن أن يحدث بسبب الأنواء المناخية فهو فوق احتمال أي مدينة في العالم ولعل أهم أسباب الفيضانات هو الاعتداء السافر على مجاري الأودية ليس إلا.
اليوم أضع فكرة وأتمنى وألتمس من أصحاب القرار التفكير فيها بعناية ذلك أن المبلغ الذي يُقارب المائتين مليون يمكن أن يكون نواة حقيقية لشركة يكون عملها بأسلوب جديد تماماً حيث يمكن تسخير المهندسين من مختلف الجهات والذين يدفع لهم رواتب فعلية في الوقت الحاضر وكذلك المتطوعين ممن جربوا فعلاً بناء سدود وأصبحت لديهم خبرة لا يُستهان بها وشراء معدات يمكن أن تدوم لعشرات السنين بواحدٍ من تلك الملايين فقط وكذلك تشغيل عدد كبير من الباحثين عن عمل بعقد مُؤقت وبذلك يمكن أن تكون هناك آفاق مائية وتشغيلية للباحثين عن عمل ويمكن تدوير تلك المبالغ مثلاً من خلال توزيع مائي لمزارع في الصحراء أو غير ذلك ثم إني أتمنى ألا يكون الرد من أي جهة يتم التعليق على موضوعٍ ما هو الرد بمواصفات المشروع التي هي محل الانتقاد أصلاً، كما حدث في ردود بعض الجهات وإنما في الرد على موضوع السدود مثلاً فهو بحساب الكميات فكم هو بحاجة إلى ساتر يتكون من الرمال وساتر آخر يتكون من الحجر والإسمنت فقط فكم هي الأعداد الفعلية مع قيمة العمل.
وأخيراً والأهم، بكثير مما ذكرت هو لمن نكتب من هو المعني بالفصل والوقوف والتحقيق والأمر في هذه الرؤية؟
ولكي أكون صريحاً إلى أبعد الحدود فإنه على جميع الهيئات والوزارات القيام بأدوراها على الوجه الأكمل وعدم تعليق الأمور على أي شماعة كانت، كما أنه يجب أن تكون هناك شخصية اعتبارية يمكن مناقشتها والعودة إليها والتشاور معها، ولأننا في سفينة واحدة ربانها القائد المُفدى جلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه- علينا أن نكون يداً واحدة مُتعمقة في النظرة الشاملة والمصلحة العُليا للوطن بعيداً عن المصلحة المفردة والوقوف بشدة وصرامة في وجه كل من تسول له نفسه التقليل من مُنجزات وطموحات الوطن التي لاحدود لها.