ميلادٌ لميلادِ المجد

 

جيهان رافع

إنّ الثامن عشر من نوفمبر لم يكن مُجرّد يومٍ يتغنى به الشعب العُماني بميلاد -المغفور له- السلطان قابوس، بل هو يومٌ وهب فيه الله هذا الوطن الجميل عُمان ميلادًا لمجدٍ مُتجدد على الدوام، ولادة وطن السلام الذي امتدت يده لكل من أراد وأحب السلام والتعاون وبنظرة شمولية مُتميزة وبروح استراتيجية متكاملة البناء هذه اليد صنعت السلام هنا لتسطع شمسه على الجميع.

للأمانة حزن شعبك الصادقِ عليكَ أبكانا... كلمات قلتها وردد ما يعنيها كل مُقيم منذ رحيل السُّلطان قابوس -طيّب الله ثراه- حتى هذه اللحظة، لأننا نحن المقيمين على هذه الأرض الطيبة ما زلنا نقرأ تلك الأحزان في عيونٍ عُمانية تنبع من ذاكرة لن ولم تخلُ يومًا من سيّد شغفها وباني صروح شموخها ما زالت قابوسيّة العطر أصيلة الوفاء، فلا عجبَ من كلّ هذا الحزن على رحيله جسدًا يستوطن حياة شعبٍ تربى على حكمته وسداد رأيه ونظرته إلى ما بعد الحدث وما قبله، نظرته التي أنصفت مستقبل أجيالٍ حيث تركَ في قلوبهم بصمةً من نورٍ وضياء وأثرًا من شموخٍ وحكمة.

من أقوال السُّلطان الراحل جسدًا قابوس بن سعيد -طيّب الله ثراه-: "نحن لا نقبل إلا أن نعيش أحرارًا، رؤوسنا مرفوعة في هذا البلد، لقد حاربنا الغُزاة والمستعمرين على مر السنين، سلوا التاريخ والجبال والبحار تقول لكم: إنّ في كل زاوية من أرضنا تاريخًا حافلًا بالأمجاد والبطولات ونحن اليوم حُماة هذا التاريخ وهذا التراث".

"إنّ مُهمة الشرطي وإن كانت صعبة فهي مفخرة، فإنّ العمل يتطلب منه الإخلاص والأمانة أولًا ثمّ مُواصلة الجهد بلسانٍ حلو ووجهٍ بشوش".

"إننا نعيش عصر العلم ونشهد تقدمه المُتلاحق في جميع المجالات وإن ذلك ليزيدنا يقينًا بأنّ العلم والعمل الجاد هما معاً وسيلتنا لمواجهة تحديات هذا العصر وبناء نهضة قوية ومزدهرة على أساس من قيمنا الإسلامية والحضارية".

نذكر هنا أبياتًا من قصيدة الرثاء التي ألفها الشاعر العراقي خالد بن أحمد المشهداني "يا ساكنًا في القلب يا ابنَ الأشرفِ... قد زادَ فيكَ تشوّقي وتلهّمي ..(قابوس) يا مجدَ العروبة لم تزلْ... كلّ القلوب على خطاكم تقتفي... (قابوس) يا كرَمَ الأوائل والتُّقى ... وملاذَ كل مفكرٍ ومثقفِ.. عشْ يا (أبا الحكماء) في عُليا الورى...بدرًا بوسطِ حُشاشتي لم يُكسَفِ...يا صاحبَ الرأي السديد فخامةً.. والمنطق العالي الرقيق الألطفِ".

إنّ كل ما ذكر ولم يُذكر هنا من أقوال -المغفور له- السلطان قابوس ومما قيل عنه يؤكد أنَّ ميلاده جعل الثامن عشر من نوفمبر يومًا يمثل التاريخ الخالد الذي يباهي به كل عُماني ويفخر أنه ابن هذا البلد.

ومن وجه النور لدربِ النهج الحكيم جاء قرار السلطان هيثم المُعظّم -حفظه الله ورعاه- بوجوب تخليد ذكرى ميلاد -المغفور له بإذن الله تعالى- السلطان قابوس كميلادِ المجد للوطن وجعله العيد الوطني لعُمان كذكرى سنوية في 18 نوفمبر.