السمنة والتدخين من أبرز المسببات لأعراض حادة من المرض

اختلافات الجينات مرتبطة بشدة أعراض "كورونا".. وتجارب الإنترفيرون تؤتي ثمارها

ترجمة - رنا عبدالحكيم

قالَ علماءٌ إنَّ الاختلافات الجينية الدقيقة بين الأفراد تجعل البعض عُرضة لأسوأ أعراض وباء كورونا (كوفيد 19)، رغم أنَّ البعض منهم من فئة الشباب ولا يعانون من زيادة الوزن أو أي مشاكل صحية.

وبحسب ما نشرته صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، يجري الآن تتبع هذه الاختلافات في الحمض النووي من خلال بحث علمي يقوده باحثون يعتقدون أن ذلك يسهم في تطوير عقاقير جديدة يمكن أن توقف العديد من أسوأ تداعيات "كوفيد 19". وتشير الأبحاث إلى أنَّ الإنترفيرون -وهو بروتين جزيئي يحفز الدفاعات المناعية ضد الفيروسات الغازية- قد يسهم بدور حيوي في الدفاع عن الجسم المصاب بالفيروس. ووجد العلماء أن الطفرات النادرة لدى بعض الأشخاص قد تجعلهم غير قادرين على توفير الإمدادات الكافية من الإنترفيرون التي يحتاجونها لتحفيز استجابات مناعية فعالة ضد كورونا. والآن تجرى تجارب تستخدم الإنترفيرون كعلاج لـ"كوفيد 19" في عدة مراكز.

وقال مارتن هيبيرد أستاذ الأمراض المعدية الناشئة في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي: "هذه النتائج الجينية تعطينا رؤى واضحة جدًّا... إنها تجارب بيولوجية طبيعية تشير إلى أن الأشخاص الذين يصنعون المزيد من الإنترفيرون عند الإصابة تتولد لديهم استجابة أفضل للمرض، وهذا بدوره يخبرنا بأن المرضى يمكن أن يستفيدوا جيدًا من العلاج بالإنترفيرون".

ويركز البحث أيضًا على جين معروف باسم TYK2. وتشارك بعض المتغيرات لهذا الجين في إثارة بعض أمراض المناعة الذاتية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي (RA)، ويبدو أيضًا أنها متورطة في التسبب في أعراض كوفيد 19 الحادة. وهناك عقار طُوِّر لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي اسمه "baricitinib"، له قاسم جيني مشترك مع كوفيد 19، وجرى استخدامه في التجارب السريرية للقاح ضد الفيروس. وفي الشهر الماضي، أعلنت شركة الأدوية Eli Lilly أن النتائج الأولية أظهرت أن الدواء ساعد مرضى كوفيد على التعافي.

وقال جيفري باريت المشارك في أحد برامج "كوفيد 19" التابعة لمعهد ويلكوم سانجر: "النقطة الحاسمة هي أنه من خلال فهم تأثير المتغيرات الجينية في الجسم، يمكننا الآن التفكير في العثور على الأدوية التي يمكن أن تسد مساراتها وتساعد المرضى". وأضاف: "الأخبار السيئة هي أن الأمر قد يستغرق سنوات من التجارب لإيجاد العلاج بهذه الطريقة، لكن الخبر السار أن هناك الكثير من العلماء الذين يعكفون على هذا النوع من التجارب التي ربما لا يزال لدينا بعض الإجابات السريعة عنها".

وكشفت أبحاث أخرى، بدأها كينيث بيلي من جامعة إدنبرا، وأوضحت في عدد حديث من مجلة "ساينس" العديد من الجينات الأخرى التي يبدو أنها مثيرة للاهتمام. وتشمل جينات "OAS" التي تعمل من خلال الإنترفيرون وترمز للبروتينات التي تشارك في تحطيم الحمض النووي الريبي الفيروسي، والذي يتكون منه فيروس "كوفيد 19". ولم تتم مراجعة أبحاث بيلي بعد، وقد نصح بالحذر في تفسير هذا العمل. ومع ذلك، قال للمجلة إنه يأمل أن تسرّع نتائجه من تطوير العلاجات "لأن الوباء يتقدم بمعدل مثير للقلق، حتى إن بضعة أشهر من توفير الوقت ستنقذ الكثير من الأرواح".

وإضافة إلى ذلك، يشير باحثون آخرون إلى أن هناك طرقًا أخرى لاستخدام علم الجينات لمكافحة "كوفيد 19"؛ حيث استخدم الدكتور ديبندر جيل من إمبريال كوليدج لندن، مع زملائه، البيانات الجينية للتنبؤ بكيفية تأثير التدخلات المختلفة على تفاعلات المرض.

وقال جيل: "نظرنا في خمس سمات تم ربطها بزيادة خطر الإصابة بـ"كوفيد 19"؛ وهي: السمنة، وارتفاع ضغط الدم، وضعف الكوليسترول، والتدخين، ومرض السكري.. ثم بحثنا ما إذا كان يمكن تعديل هذه السمات لتقليل خطر الإصابة بالعدوى الشديدة".

وللقيام بذلك، قام جيل -بالتعاون مع فريق من العلماء البريطانيين والنرويجيين والأمريكيين- بتحليل البيانات من آلاف المرضى، باستخدام المتغيرات الجينية التي تزيد من خطر إصابة الأفراد بهذه الحالات. ثم تمكنوا بعد ذلك من إجراء دراسات من شأنها أن تظهر ما إذا كان الإجراء المتخذ لتعديل هذه السمات سيقلل من قابلية الإصابة بأعراض حادة لـ"كوفيد 19".

وحقق الفريق اكتشافين رئيسيين. وقال جيل: "اكتشفنا هناك علاقة سببية بين السمنة وخطر الإصابة بفيروس "كوفيد 19" كرد فعل شديد. ووجدنا أيضًا نفس التأثير على المدخنين، ويشير هذا إلى أن فقدان الوزن والإقلاع عن التدخين سيكون لهما تأثير مباشر في تحسين فرص النجاة من "كوفيد 19"، ومن هنا تكمن قوة الدراسات الجينية".

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة