انتقل إلى رحمة الله تعالى

طالب المقبالي

muqbali@gmail.com

 

جملة تطالعنا بها وسائل التواصل الاجتماعي يومياً في تكرار مرير عن أحبة وأصدقاء رحلوا وهم في ريعان شبابهم.

هذه الجملة تتكرر في اليوم أكثر من مرة، وقد كانت جملة مُرعبة بإعلان فقدان عزيز لدينا حتى أصبحت عادة يومية نسمعها وألفناها وأصبحت كأنها عبارة صباح الخير، وهي في الواقع كارثة لا نعلم متى ستنتهي ومتى ستتوقف عن حصد أرواح الأعزاء والأحبة.

بالأمس فقدت إنساناً لا يُمكن أن يتكرر أو أجد بديلاً عنه وهو أخي رحمة الله عليه بسبب هذا الوباء الذي اقتحم بيوتنا، ورمَّل النساء ويتَّم الأطفال.

لقد جعلتنا جائحة كورونا كوفيد19 نعتاد على أخبار الموت والفواجع التي لم نألفها في حياتنا بهذه الصورة المُفزعة والمُرعبة، ولم يرد في خلدنا أننا سنألف أخبار الموت كما ألفنا سماعها في الأخبار عن القتلى والمفقودين من أحبتنا في الحروب على أرض فلسطين المحتلة وعلى أرض العراق وسوريا وليبيا واليمن وغيرها من الدول العربية والإسلامية، كما ألفنا سماع أخبار قتل وحرق إخواننا المسلمين في بورما وما يلاقونه من تنكيل وتهجير في مشهر من العنصرية البغيضة والكراهية المقيتة للمسلمين.

فأخبار الموت بسبب جائحة كورونا تتصاعد وتتنامى في العالم يوماً بعد يوم، وفي عُمان وحدها قد أصبح عدد الوفيات بهذا الوباء في السلطنة يناهز الألف حالة، فيما تجاوز عدد المنومين في العناية المركزة 200 حالة، كما تجاوز إجمالي حالات الإصابة في السلطنة المائة ألف إصابة، كما تجاوزت حالات التشافي 90 ألف حالة.

المؤشرات الأخيرة من موقف السلطنة تجاه هذا الوباء تشير إلى دخولنا في الموجة الثانية من انتشار الوباء أو على وشك ذلك.

ويعزو المختصون الانتشار الجديد للوباء إلى التراخي عن التحوط من العدوى وعودة البعض إلى التجمعات الاحتفالية للتعويض عن فترة الحجر التي عشناها خلال الأشهر الماضية، في حين يعلم الكثير من الناس أن الوباء ما زال باقياً، وأنه لم يتم إلى الآن تسويق الأمصال المضادة لهذا المرض رغم التسابق من قبل الدول المنتجة للأدوية في روسيا والصين وأمريكا وأوروبا، فجميع الأمصال التي يعلن عنها ما زالت تخضع للتجارب المخبرية والسريرية، ومتى ما تمَّ إنتاج المصل بشكل نهائي وتسويقه فإن وصوله إلينا سيتطلب الكثير من الوقت، وحتى ذلك الحين علينا اتباع الإرشادات والنصائح التي تصدرها وزارة الصحة في السلطنة، وكذلك اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا كوفيد19.

لقد جربنا الحجر الصحي فضقنا منه ذرعاً، وجربنا غلق المُحافظات، وجربنا الغلق الجزئي للولايات فلم نحتمل، ولا نريد العودة إلى تلك التجارب المريرة التي مررنا بها، لذلك علينا الالتزام ثم الالتزام بالتعليمات والإرشادات والنصائح بارتداء الكمامات وغسل وتعقيم اليدين، والتباعد قدر الإمكان.

فالصبر على هذه الإجراءات يقينا العدوى ويجنبنا فقد أحبتنا، فهذه الإجراءات أكثر سهولة من الوقوع في المحظور، فصبر قليل خير من ندم كبير.

غزو غزا العالم بأسره ولم يفرق بين صغير وكبير، بين رئيس ومرؤوس، بين غني وفقير. لم يدخل بيتاً إلا وأصاب الذعر للجميع، وأصبح الابن يهرب من أبية والأب يهرب من ابنه.

كورونا فرق الجماعات، وقطع صلة الأرحام، وأغلق المساجد والمطارات والحدود البرية والبحرية والجوية، أغلق الأسواق والمتاجر وقاعات الأفراح، والمدارس والكليات والجامعات، وأغلق المحافظات والولايات، وفرض حظر التجول في وقت السلم.

تعيش عُمان وسائر دول العالم المرحلة الثانية من تفشي جائحة كوفيد19، فحسب المؤشرات فإنَّ أعداد الإصابات تنذر بالخطر الذي نتج عن تهاون الكثير من الناس.

فهل يتوجب أن يدخل كورونا البيوت ويشهد كل بيت حالة وفاة حتى نحتاط ونتبع الإرشادات.

في مقال قادم سوف أتطرق إلى هذه المرحلة من تفشي الجائحة وأكتفي بهذا القدر الذي خصصته لفقيدنا الراحل.