ترجمة - رنا عبدالحكيم
وصفت صحيفة "موسكو تايمز" الروسية العلاقات الثنائية بين موسكو وأنقرة بـ"زواج المصلحة" الذي تسبَّب في إرباك المشكِّكين بصمود كليهما في ساحة المواجهة في سوريا أو ليبيا.
فمع عودة القتال الأكثر دموية منذ عقود إلى منطقة ناجورنو قرة باغ الانفصالية الأرمنية في أذربيجان، يتم اختبار الرابطة بين الزعيمين ذوي الإرادة القوية في الفناء الخلفي لروسيا؛ حيث يُريد بوتين -الذي ينظر إلى منطقة القوقاز المضطربة على أنها جزء من "الخارج القريب" لروسيا- أن تدفن أذربيجان المسلمة وأرمينيا المسيحية منافساتهما التاريخية وأن تصنع السلام. بينما يخالفه أردوغان، الذي يحث أذربيجان على المضي في حملتها حتى ينسحب الانفصاليون الأرمن "من كل مساحة الأراضي الأذربيجانية".
وقال أوزغور أونلوهيسارجيكلي مدير مكتب أنقرة في صندوق مارشال الألماني الأمريكي: "إن تركيا وروسيا منخرطتان في علاقة يمكن وصفها على أفضل وجه بأنها تعاون تنافسي، ومنطقة جنوب القوقاز من بين المناطق التي تشتد فيها هذه المنافسة".
ويزود الكرملين كلًّا من يريفان وباكو بالأسلحة، على الرغم من أن أرمينيا -رغم كونها أفقر وأصغر من جارتها الشرقية الغنية بالموارد - هي أيضًا جزء من تحالف دفاعي روسي وتستضيف قاعدة روسية. بينما تنظر تركيا إلى أذربيجان كدولة شقيقة ستدافع عن مصالحها على المسرح العالمي.
وفي حين أن خلافاتهم في القوقاز لم تكن شديدة كما كانت في ساحات القتال في سوريا وليبيا، حيث تدعم موسكو وأنقرة طرفين متعارضين، إلا أنَّ محللين يرون الوضع محفوفًا بالمخاطر. إذ على ما يبدو أن أردوغان يعرف حدود بوتين، حيث توقف عن دعم باكو عسكريًّا والتزم الصمت بشأن التقارير التي تفيد بأن تركيا كانت ترسل مرتزقة ليبيين أو سوريين إلى القوقاز، بينما في إطار موازنة مصالحها الخاصة، أظهر الكرملين دعمًا فاترًا فقط لأرمينيا، التي أثار رئيس وزرائها الحالي نيكول باشينيان غضب موسكو في السابق.
وقال أونلوهيسارجيكلي إنه إذا شعرت روسيا بالتهديد "إلى الحد الذي يستحق تفكيك العلاقة التي كانت تطورها مع تركيا، فيمكنها الانتقام في ليبيا، أو على الأرجح في سوريا".
وحتى الآن، لم يحدث أن توافقت الإمبراطورية العثمانية في تركيا مع الإمبراطورية القيصرية الروسية مطلقا، وقد أظهرت علاقة موسكو الأخيرة مع أنقرة علامات عدم ثقة متبادلة، الأمر الذي دعا المحلل علي باكير -المقيم في أنقرة- للقول: إنَّ "العلاقات التركية الروسية معقدة للغاية بالفعل بسبب سوريا وليبيا. والصراع الأذربيجاني الأرميني سيزيد من تعقيد هذه العلاقة".
وفي حين أن بوتين قد يكون حَذِرًا من اندفاع أردوغان إلى القوقاز، قال باكير إن تركيا تعتبر سوريا جزءًا من "ساحتها الخلفية" التي تتدخل فيها روسيا. وأنَّ "الخلاف الأخير (في شمال غرب سوريا) يظهر أن موسكو ليست على استعداد لتسهيل الأمور على أنقرة".
ووافق أليكسي كليبنيكوف محلل شؤون الشرق الأوسط في مجلس الشؤون الدولية الروسي، على أن الموقف الدبلوماسي التركي في ناجورنو قرة باغ قد يؤثر على علاقاتها مع روسيا في مناطق ساخنة أخرى، لا سيما سوريا، مضيفًا: "ستحاول روسيا وتركيا إيجاد لغة مشتركة، لكن لا توجد ضمانات".