أحاديث الذات

 

 

جيهان رافع

"كلما بعثتُ بأمواج تعاطفي وأمانيَ الطيبة للآخرين، كلما فتحت معبرًا لمحبة الله كي يأتي إليَّ؛ فالحب الروحي هو المغناطيس الذي يجذب الخير الأعظم" - برمهنسا يوغانندا

*****

تنتابنا كل حين وحين لحظات من الصفاء الذهني لمراجعة الأفكار والأعمال التي قمنا بها، والتي مرَّت بنا ومررنا بها، نجد أنفسنا أمام بعض الكلمات التي تحتاجها تلك اللحظات لنقوم بتفسيرٍ منطقي أو عاطفي لها، ثمَّ تدور وتدور داخلنا كطائرٍ يبحث عن وسيلة تفتح له باب الحرية من قفصه، ثم ينطلق إلى باب القلب مُسرعًا كي يحثّه على الحديث والخروج عن الصمت لأجل إعادة هيكلة الذات بإضافة المراجعات الفاعلة، وليست المتوقفة عند تفكير أصم لا يستمع لأخطائه وذلك عندما يكون الإنسان قد أصبح جاهزًا للكتابة أو العزف، أو إلى التحدث مع نفسه، وكلها تعتبر وسائل لتفريغ الصمت بما تراه الذات مناسبًا لها، وهذه الأحاديث إن كانت مع الورق على شكل كتابة أو كانت مع آلة موسيقية على شكل أنغامٍ تعبِّر عمَّا يدور داخل الشخص، وإنْ كانت على شكل أحاديث تدور بين النفس والعقل؛ وذلك حسب هُوية تفكير الشخص، وتعتبر في علم النفس كالشعور بالجوع، وكما يُقال عن الجوع فيه: "حين تلغي الجوع في نفس الوقت ستلغي عبودية الإنسان للإنسان". وهنا، تكمُن الحاجة للطبيعة الحقيقية للشخص بحد ذاته لقد صنّف علم النفس الذات الإنسانية بصنفين - أولًا: الذات السلبية في الإنسان هي التي تغضب وتأخذ بالثأر وتُعاقِب، هنا نرى أن هذه الذات لا تتحدث بأشياءٍ جميلة بل نجد حديثها الذاتي تملؤه السلبية والتراجع عن الطبيعة الأساسية التي يتسم بها الإنسان كما هي في التصنيف الثاني- الذات الطبيعية للإنسان هي النقاء وسماحة النفس والصفاء والتسامح مع الآخرين، هنا نجد الحديث الذاتي أصبح يضخّ في القلب الحياة التي يتمناها الشخص.

إنَّ تلوثَ أثير المكان من الطاقات السلبية التي توجد في ذوات ساكنيه من السلبيين سيجلب للمكان وللطيبين فيه الأمراض والأحداث السلبية؛ فكلما قلَّ تفكيرنا بالحقد والكره وبما يمتلكه غيرنا ونحن نفتقده سنُنَقي الأثير ونصل إلى نقاء المكان والزمان؛ وذلك ما يستطيع صنعه الإنسان للإنسان ومساعدة الطبيعة على منحنا الأشياء الجميلة ومساعدة ذواتنا على الشعور بالسكينة لتجلب لنا الكثير من السلام الداخلي والخارجي، وإنَّ حب الاطلاع على ثقافات العالم التي تدمج أفكار الخير ببعضها، وتقوي من فاعليتها ستولد حياة نقية من قلب السلبية وسنتغلب على الصعاب.

قال بنجامين فرانكلين: "إما أن تكتب شيئًا يستحق القراءة أو تفعل شيئًا يستحق الكتابة".

هذا إنْ أردنا أن نتابع في عالمٍ تملؤه المحبة، ويسوده السلام؛ فثقافة تنقية الأثير تنطلق من الثقافة الخضراء ثقافة الحب والسلام في الحياة الأدبية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تؤدي لعالمٍ أخضر القلب والحياة.