أسعار البضائع المحلية.. نار!

طالب المقبالي

muqbali@gmail.com

نسعد كثيراً حين نرى مُنتجاتنا الوطنية تزاحم البضائع المستوردة على رفوف المحلات التجارية الكبرى.

ونفخر بالمُنتج العماني سواء كان منتجا غذائيا أو مستلزمات أخرى، فمقومات السلطنة كثيرة وخيراتها وفيرة، وطاقات شبابها قادرة على العطاء والابتكار والإنتاج.

إلا أنَّ العرف الخاطئ السائد أنك إذا أردت المُنتج المحلي فعليك أن تدفع، وإن لم يكن لديك المال فالمستورد هو البديل، والمنتج العُماني جودة، وإن كان المنتج يخص الطعام فإنَّ اللذة والمذاق الجميل تكون في المنتج العماني دون غيره، وكما يُقال محياً " الغالي قيمته فيه" فهل هذه المقولة صحيحة؟

الذي دفعني لكتابة هذا المقال هو الإعلان الذي يتم تداوله هذه الأيام حول منتج زيت الزيتون المصنوع محلياً والذي يُوضح أن قيمة ربع لتر زيت الزيتون المحلي 9 ريالات، وأنا فخور حين شاهدت تقريراً مُتلفزاً حول صناعة زيت الزيتون في السلطنة، فاستبشرت خيراً بأنَّ مثل هذه المنتجات تحتضنها بلادي، لكن بمثل هذه الأسعار لا يُمكن للمواطن صاحب الدخل المتوسط والمحدود أن يقتني هذا المنتج، فأسعار زيت الزيتون المستورد من دول المغرب العربي ودول الشام لا يتجاوز سعر اللتر كاملاً أربعة أو خمسة ريالات بالكثير وهو زيت مضمون من العصرة الأولى، وهذا للتر الواحد وليس لربع اللتر، بمعنى أنَّ اللتر الكامل للزيت العُماني تصل قيمته إلى 36 ريالا عمانيا.

والشيء بالشيء يذكر فإنَّ سعر الرمان المحلي للحبة الواحدة يصل إلى ريال ونصف الريال، فيما يتراوح سعر كرتون الرمان اليمني والذي لا يقل جودة ولذة عن الرمان المحلي إلا بالسمعة فقط؛ حيث يتراوح سعره بين 1.7 ريال إلى ريالين ونصف للكرتون الذي يحتوي على قرابة 24 حبة.

أنا في هذا لا أقف حجر عثرة أمام المُنتجين العمانيين، لكني أنقل شكاوى المواطن المستهلك من واقع نعيشه، فكما للمُنتِج العماني حاجة إلى تسويق منتجه، فإنَّ المستهلك العُماني يأمل في الحصول على منتجات بلاده وبأسعار في مُتناول الجميع.

يقول أحدهم: عندما أريد تذوق الرمان العُماني أختار الثمار المُتشققة كي أستطيع شراؤها، فهي تعرض بأسعار أقل بكثير من أسعار الحبات السليمة.

وليس بعيداً عن المُنتجات المحلية، فإنَّ أسعار اللحوم المحلية مشتعلة، فعلى سبيل المثال كيلو لحم البقر المحلي يصل سعره إلى 5 ريالات في الأيام العادية، و6 ريالات في أيام الأعياد، بينما أسعار لحوم الأبقار المستوردة تتراوح بين ريالين ونصف الريال إلى 3 ريالات.

وبالانتقال إلى الأسماك وهنا أخص بالذكر الأسعار في ولاية الرستاق وقياساً سمك التونة وما يُعرف محلياً بالجيذر، فإنَّ الباعة العمانيين يبيعونه بسعر يتراوح بين 3 إلى 3.5 ريال للكيلو الواحد، وقد بلغ سعره في سوق الأسماك بالرستاق ذات يوم 4 ريالات، بينما في المراكز التجارية وفي الولايات الأخرى يتراوح السعر بين 1.500 ريال إلى 2.200 ريال وفي أسوأ الأحوال 2.5 ريال!

هكذا هو الحال ونحن في بلد قوانينه تجرم احتكار الأسعار، والسؤال الذي يطرح نفسه، هل مُراقبة الأسعار فقط محصورة على التاجر الوافد؟

وما زلنا في ولاية الرستاق فإنَّ أسعار الأراضي السكنية تتراوح بين 7 آلاف ريال إلى 30 ألف ريال حسب المواقع وكأنها من أراضي كوكب المريخ! وقد سبق وأن كتبت مقالاً عن أسعار أراضي الرستاق التي تفوق أسعارها أسعار الأراضي في مسقط العاصمة.

جميعنا يشجع التاجر العُماني ويبذل قصارى جهده من أجل الوقوف إلى جانبه، إلا أنَّ المستهلك يصطدم بواقع مُغاير. فقد شكا إليَّ أحدهم أنه أراد شراء كيس أرز من أحد المحلات الكبيرة التي يديرها عُماني وإن كان ظاهرياً عُمانياً، وفي الباطن وافد آسيوي، حيث وجد سعر كيس الأرز بمبلغ 18 ريالا، في حين وجده في أحد المحلات الكبيرة بسعر 14 ريالا؛ أي بفارق 4 ريالات، وهذا الفارق بالإمكان الاستفادة منه في تغطية متطلبات أخرى.

هذا هو الواقع، فالتاجر العماني عليه أن يُراعي أخاه المستهلك العماني، نعم هناك شرائح تستطيع الشراء بأعلى الأسعار، ويبقى صاحب الدخل المتوسط والمتدني هو الضحية.

ومن هنا أناشد الجهات المعنية مراقبة الأسعار، وأن تشمل المراقبة التاجر العماني، فالذي أراه أنه استغلال لتعاطف العمانيين مع بعضهم البعض دون مُراعاة لظروف المستهلكين وتنوع دخولهم.