زائر الليل

 

 

عائض الأحمد

قد يكون حُلمًا، وربما صديقًا، لعله حبيب قريب أو روح تسكنك في الخفاء.

زائرٌ يأتيك دُون سابق موعد، هكذا تجده بين يديك وأمام ناظريك، يُجيد الحديث تارة، ويتلعثم غالبًا وكأنه يشعر بأنَّ الوقت ليس له، والمكان أكبر من قدرته على الفهم، يسأل ويجيب ثم يكرر السؤال ويأتي بإجابة أخرى تشرح حاله وتحكي سوء مآله، يكتفي منك بالزيارة وكأنه غريب حطَّ رحاله فقط، دون أن تكون مقصده أو وجهته؛ ساقه القدر وساقته قدماه المثقلتان بجروح الزمن ووهن العمر الضائع في رجاء من حوله ومناشدة من يبعده ويرقبه من هناك "من بعيد"، لعلَّ وعسى أن يجد ضالته أو يتبعها في طريق لم يكن سيخطوه لولا صوت ذاك "الزائر" وأنين حلم يرقبه من سنين.

لا يُجيد العتاب، فقد أضناه أقرب المقربين، وظن أنه حالة يصعب فهمها؛ فتعايش معها، ليس حبًّا لها أو كرهًا، فسيَّان استوت عنده، فلم تعد تلك المنبوذة أو المقبولة تطارحه أيامًا وتسوقه أشهر، تُورِده الماء يومًا وتجعله الساقية أيامًا، يقف حافي القدمين تحت شمس حارقة، تتبخر منه كل قطرة عرق، حتى يجفَّ الرمل تحت قدميه وينكوي بلهيب نارها لحظة تلو أخرى، لعل "زائر الليل" يحنو ويحن، ويضع تلك "الريشة" جانبًا، فيرى من فعل به الأفاعيل قائمًا، يرجوه، كفى كفى، أي قلبٍ تحمله بين ضلوعك، مرددًا:

"ما كان سيعتلي قامات، وما كان لها سينحني". يُقال له: "هات"، ويقول: "بِكَم بالله عليك بعتني؟".

إنْ جاءت بك مشيئة الرحمن؛ فابق هنا. وإن خالفتك الظروف وجافاك الوطن، اقرأ عليها سلامًا.. يا من كنت لي كل الوطن.

الحلُّ أن تعجل بالمؤامرة وتحيك تفاصيلها لعلها تُنقذ ما بقي لك، فلست أولهم، ولن تكون آخرهم إنها "الشماعة" والقصه المحكية، وأسهل من أن تضع لها نهاية.

---------------------

ومضة:

"قُلها كما تريد وافهمها كما أريد أنا".

ويقول الأحمد:

"لن تموت أبدًا وأنت تحمل حبًّا للآخرين".

الأكثر قراءة