تحول "كورونا" إلى إحصائيات.. هل أفقد المرض إنسانيته؟

الرؤية- نجلاء عبدالعال

حالة الذعر التي انتابت العالم مع بداية تفشي فيروس كورونا المستجد تضاءلت شيئًا فشيئًا مع مرور الوقت، وبعد أن كان الاهتمام ينصب التعرف على أعراض المرض وكيفية تجنب العدوى، أصبح التركيز الإعلامي الأول والأكبر على الإحصائيات، وغدت الإصابات والوفيات أرقاما مجردة، تخلو من التعاطف الإنساني، بل والحذر النفسي.

فما الذي تغير وما الذي أحدثه كورونا في الإنسانية بعد أن فتك بنحو 773563 شخصا، وأصاب 21.8 مليون إنسان على وجه الأرض؟ في السلطنة، على سبيل المثال، ومع مرور نحو 5 أشهر على اكتشاف أول حالتي إصابة بكورونا في 24 فبراير الماضي يظهر تحليل أولي للأخبار أجرته الرؤية، أن التركيز الأكبر تحول إلى الإحصائيات بعد مرور أقل شهرين من تفشي الفيروس، وأصبحت متابعة البيان اليومي لأرقام الإصابات هي الأكثر قراءة والأعلى متابعة، مع تراجع ملحوظ في متابعة آلية الوقاية وتجنب الإصابة.

أن التركيز الأكبر بعد مرور نحو شهرين من تفشي الفيروس تحول إلى الإحصائيات، وأصبحت متابعة البيان اليومي لأرقام الإصابات هي الأكثر قراءة والأعلى متابعة، مع تراجع ملحوظ في متابعة آلية الوقاية وتجنب الإصابة.

هذا التوجه ليس مختلفا عما عليه الوضع في العالم؛ حيث أصبح البحث عن "كورونا" على وكالات الأنباء العالمية والقنوات الإعلامية يأتي بنتائج إحصائية عددية، وتحول المصابون والمتوفون جراء المرض إلى مجرد رقم يزيد أو ينقص حسب الأحوال، وصارت متابعة الأعداد تشبه متابعة أسعار الأسهم في البورصات، وما إذا تراجع العدد اليوم عن أمس أم زاد، مع تراجع التركيز على تحليل الأرقام وقياس نسبة إيجابية التحليل من إجمالي الفحوصات، فضلا عن متابعة جهود المستشفيات ودور الرعاية الصحية لاحتواء الجائحة. ومع تثبيت الإحصائيات الرقمية في قائمة أبرز أخبار المرض، بدأ الأمر يفقد ارتباطه الإنساني، وافتقد المرضى إحساس التعاطف من الآخرين، مع تحولهم إلى مجرد رقم.

وبمرور الوقت تحولت أرقام الوفيات والإصابات إلى أحد معايير الحكم على نجاح أو فشل أي إدارة حول العالم لأزمة كورونا، بصرف النظر عن الجهود المبذولة تجاه المصابين أو لتوعية الناس بالخطر الداهم والإجراءات الوقائية، حتى إن بعض الدول توجهت إلى التقليل من أعداد المصابين لضمان تحقيق النجاح ظاهريا، حتى وإن كان على حساب زيادة العدوى غير المعلنة.

وفي ظل الأنباء المتواترة حول اكتشاف مصل أو لقاح ضد فيروس كورونا المستجد لم يتحول حتى الآن تركيز الجمهور إلى هذه الأخبار بالدرجة الكافية، وظل تتبع "أرقام" الإصابات هو الأعلى مشاهدة، الأمر الذي يؤشر إلى توجه يحتاج مزيدا من الدراسة حول سلوكيات الجمهور تجاه الأمراض، خاصة المعدية منها، بل قد يؤشر كذلك إلى تزايد النزعات الفردية على حساب التعاطف مع الآخرين.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة