قصة قصيرة جدا

حشرجة اللوحة

طفول  سالم

أغمضت جفنيها ليلة أمس، فانعكس ضوء التلفزيون بضعف على جدارغرفتها، فاطفأته ثم حاولت الرجوع إلى مخدعها، لكن حدثت أمور كثيرة خلال يومين، حاولت بدقة تحديد لحظة انهيارها، ولم تكن واثقة جدا، وظنت أنها رأت شيئاً يهرب من نظراتها المحدقة في فضاء الغرفة.

وقفت لبضع دقائق تلتفت حتى اطمأنت أنه مجرد خيال بسبب الإرهاق. أرخت جسدها المرهق لتستسلم للنوم. مرت الساعات ببطء، دون أن تغمض جفنيها مع محاولاتها الفاشلة.

بدافع الرغبة يتحرك المرء أيضًا نحو الوقوف. لم تعرف لماذا وقفت ولا إلى أين سوف تتوجه في تلك اللحظات الليلية الفريدة التي يتمرد فيها الجسد على الروح، رياح فجائية تضرب النافذة، لوحات الحائط تطلب النجدة. يصرخون من بعيد وهم يضحكون؛ في محاولة لإنقاذ جسدها الخامد تحاول رفع ذراعيها لتخلصها من الغرق، كسرتُ اللوحات وتناثر الزجاج مع الرياح. وسيطر على سمعها غمغمة لحشرجات يظنُ من يسمعها ‏أن صاحبها على وشك البكاء. كطفل يلعب على أرجوحة مكسورة بين أرفف المستودع. يتسارع نبضها بالخفقان لا تتحرك من مكانها وتلك الصرخات تهز أرجاء الغرفة التي صارت مكانا متجمهرا وفاقدا لأجزاء منه، والكثير من اللوحات تتساقط؛ تراها مغلفة بغبار ينتشر على سطح الغرفة؛ ‏حتى أبكاها ما خرج إلى داخلها؛ عيون تحدق بها؛ وخيوط سوداء ترمقها بنظرات لم تفهمها.

تحاول الصراخ لكن يجمد صوتها كتمثال تنازل عن صوته، ظلت تلك الأعين مفتوحة، دون حراك، همت عبثًا لتهرب كأنها شيء يَتنقل بين أجساد ميتة، سقط وارتطم بقاع يشبه السماء، يسقط ويُحلق دون معرفة بالهبوط، تُلاحقها تلك الخيوط وتمتد بأنامل نحيفة حادة تخرج منها أنياب وألسنة الأفاعي السامة، وتسقطها في بحيرة سوداء تتلاطم مع الأمواج وتمتد تلك الأيادي لتغرقها، فترتفع عن الأرض بشهقة كادت أن تخرج أضلعها من مكانها، لتجد نفسها على سريرها المبلل.

تعليق عبر الفيس بوك