حمولة أفكارنا المُمزقة

جيهان رافع

كلما لاحقنا الأمل ولّى وجهه عن قلوبنا، بنزيفِ الأحلام التائهة المُترهلة باتت حروفنا تكتب هل هذا واقع يجعلنا نبكي على اندثار الإنسانية؟ أم نشجب حظًا جعلنا ننتمي إلى من دمّرنا وما زال يُدمّر كل الأشياء الجميلة- بين قوسين- إنه "الإنسان"؟

ونحن نتفرج ونصفق أحيانًا وهم يوزّعون الاتهامات وينشرون الرعب والخوف وكأن الحروب لم تروِ عيونهم الجائعة للتلذذ بإزهاق الأرواح، ما زلنا في أزمة الثقة والرعب -كورونا- ونسمع بالطاعون الذي ينتشر من جديد فنزداد قلقًا وخوفًا من فقدان أكثر لأحبتنا وأصدقائنا من فقدان ثقتنا بأنفسنا وبقوّتنا وقد يستهلك الكثير من الوقت لاستعادتنا من براثن هذا الوقت المرعب، نصف آخر من العام ونحن على قيد الانتظار ولكننا على قناعة بأنهم لو بدأوا منذ الانتشار الأول أي منذ أكثر من ثمانية أشهر بتطوير لقاح لكان حالنا اختلف الآن، والسؤال السؤال لماذا لا؟ لماذا ما زلنا ندور حول أنفسنا وفي قلب زوبعة الأسئلة وعدم وجود أجوبة صريحة غير كاذبة؟ إعصارٌ اقتلع ما تبقى فينا من قدرة استيعابٍ وأمل!

فهل نحن أمام مُعجزة الحلول التي تبتر عليهم أهدافهم بالمزيد من القتل والموت؟ ألا يحق لنا أن تطمئن قلوبنا بإجراءات فاعلة لمُقاطعة كل بؤرة وباء إن كان صناعة أو طبيعياً؟ نحن كأناسٍ عاديين ننتمي لصناعة السلام ونتخذ من ملاجئ الأحلام بعض الوقت لمُمارسة الحياة الطبيعية في عزّ غيابها عنَّا ولا ذنب لنا من الأول إلى الآخر؟ "وهنا ومن الطبيعي أننا لا نخصّ في كلامنا هذا دولة مُعينة أو شعباً معيناً بل نخصّ الإنسان أينما كان".

تلك الحواجز التي وضعوها بين أنفاسنا وأحلامنا بين قوتنا اليومية ومصدرها بين حياتنا وطبيعتها أما آن الأوان لإزالتها كي نصحو على خبرٍ يبث الأمان والأمل فينا؟ أما آن الأوان كي نخلع أثواب الألم والخوف ونرتدي ثوب الحياة المليئة بالمحبة والقرب؟

بتنا أرقامًا في مُذكرة الأيام فقط! وبات الميت يسجل كعابر حياةٍ، رقمًا يوضع بجانب أرقام الملايين الذين ماتوا في الحروب الفاشلة وفي الأوبئة الظالمة، والإنسان هو الفاعل والظالم والمفعول به والمظلوم.

نتذكر هنا مقولة باولو كويلو: تقرّبوا من أولئك الذين يغنّون، الذين يخبرون قصصًا، الذين يستمتعون بالحياة، الذين تلمع عيونهم بالسعادة، فالسعادة مُعدية!

نتذكر ثم نعود أدراج الوباء الذي حرّم علينا التقرب منهم وحرّم علينا الشعور بالسعادة وفرض علينا اللجوء لتفريغ حمولة أفكارنا المُمزقة على أوراقنا ذات الأرواح المكتهلة، كثرت داخلنا الكلمات التي ما عدنا نستطيع نقل ملامح وجوهها الحقيقية كي لا نصاب بدهشة الفراق أو نصاب بحمّى الرحيل من دون عناق.

فكيف لهذا الوقت أن يمرّ؟! ولكننا على يقين أنه وحده الإيمان بالله عزّ وجلّ يجعلنا نتمسك بالأمل ونبث رسائل المحبة حتى ولو عن بعد وبه كل وقت سيمر بإذن الله تعالى.