منارة الشرق عودي

 

عائض الأحمد

 

حكاية صاغ فصولها مُعاناة وحروب وصراعات؛ جعلتها جثة هامدة لا تكاد تتنفس، وكلما حاولت الخروج تجد من يجثم عليها مرة أخرى، وكأنَّه قدرها أن تعيش نزاع الإخوة الأعداء.

لم تعد تلك الأرض الخصبة التي أحبها الشعراء وتغنى بها كل من سكن فيها وحنَّ إلى ترابها وتعطر يومًا بنسيم ثراها.

لم تأخذ الكثير مما أعطت، سُلبت بليل حالك السواد، وخيرها يجوب الدنيا بأسرها وكأنها اليد الحانية التي تعفو وتصفح لمن أساء لها ولم يعلم قدرها.

هناك من كتب على نفسه الشقاء، وهناك من يبحث عنه.

قالت وعيناها قد اغرورقت: "ما بال أحبتي وعشاقي"؟

إن كان هجرًا.. فمرحبًا، ولكن لماذا بعد الهجر نكرانا؟!

 

أليس أولى بالمحب أن يصون حبيبه، يا أرض ماذا فعلتِ بسيد الأحلام؟

تبدو صغيرًا دائمًا، وأنت تتربع في قلب من أهداك قبلة عاشقٍ، وتبادله حنين العودة ولهفة لقاء أرض الملائكة والأنبياء، عرش أحاطه ديمومة كل مقدسٍ، به الحياة تحط رحالها مهما غالبها الأشقياء وأساء لها الأحبة والفرقاء.

العاشق خاطب قلبه، واستشعر لوعة صمته، ليعود إلى أحضان داره وتراب أرضٍ صاغت ملامح وجهه ورسمت على محياها أولى خطواته، طفلًا وشابًا يافعًا، لم يغنه عنها رحيله الأول أو عودته فاتحة ذراعيها، أين أنتم من إرث رجال مرُّوا من هنا ولم تتنكر لهم فعادوا لها؛ فكانت مستقرًّا ومستودعًا، تلملم رفاتهم شرفًا تحمله في أطرافها، مستبشرة بقدوم أصلابهم، تستنهض الهمم وتعلو الرؤوس شامخة، نحن أبناؤك وإليك ومنك لا خيار لنا.

منارة الشرق هذا ما ابتدأت به.. فأي نهاية أقبلها ما لم تكن عفوك سيدي، هل كان أحد أولى بها من حب ذاك السيد.

 

مرت تباهي العصر تنثر عطرها، جاءت عروسًا وانتهى الحال بها تندب حظها، تتساءل أين أنتم إخوتي، فظهر الهمام بسيفه أنا لها، ستعود لي.

 

ومضة:

منارة الحسن أبحر مركبي، وعلى ضفافك انحني

سألت طبيبي، بالله ماذا حلَّ بي؟

هل كنت أحلم؟

أم صحوت فكان هذا قدري.

 

يقول الأحمد:

لن يروقك كل شيء، فلا ترهق نفسك خلف مفلس.