صمتك نعمة لا ثمن لها

 

 

عائض الأحمد

 

كَثُر الحديث وعلا الصُراخ وتواترت الأخبار وكَثُر الجدل وطالت ساعات البث وتحدثت وكالات الأنباء كل هذا لم يقنع "أسد الضاحية"، فما العمل يا يقوم.

حَرَمُه المصون علقت خدماته، والسادة الأفاضل جيرانه طلبوا الهدنة، والحي أعلن صمته، حتى أقرب المُقربين منه لم يسلموا من شطحاته، الرجل شجاع لدرجة الكذب على نفسه.

كاذب "أجاركم الله" فلم يعد يصدقه صانعو أفلام الخيال أنفسهم، تجاوز حدود المعقول وأخذ بناصيته "لا تراجع ولا استسلام" أنا الحق والحق أنا، سمته الغباء، حينما يستشهد بقوله لن يأتي بعدي أحد فأنا الواثق والموثوق وحبل النجاة بين يديّ أقلبه كيف أشاء.

يقسم لك بأنَّه شاهد على الواقعة وأحد أبطالها، وهو لم يتجاوز شارع منزله منذ ثلاثين عامًا، ويُحدثك عن رحلاته وكيف كان يصيد خصومه بعيدًا عن أعين الحراس وهو يُسقطهم واحدًا تلو الآخر برصاصة غضبه فقط دون أن يحمل "قشرة برتقال"؛ فلديه من الكرامات ما الله به عليم.

"سجدة واحدة" فقط تحرر ألف مدينة وترمي الغزاة في البحر دون أن يرف له جفن أو يغفل عنه ملك عذاب.

يرى أن الجنس البشري بين يديه يعد أغبى مخلوقات الله وأضعفهم قدرة على التفكير، فلو تحدث "الحمار" لتبرأ منهم وعاب على نفسه الوقوف في مكان يجمعه بهؤلاء الفتية المغلوب على أمرهم.

يقول الغضنفر ابن أبيه: الواحد لدينا عشرة والعشرة ألف، وهو يتجرع مرارة السكن في المنازل الخلفية فلم يعد يدرك بأنَّ السكن في العشوائيات لفترة طويلة يُؤثر على حواسه ولسانه على وجه الخصوص؛ فيظل عالقًا بين فكيه ونحن نحسبه يتشدق حماسة والحقيقة أنَّه يصرخ ألمًا، فقد تعفن من ضيق مجلسه وتزايد حجمه دون حراك يليق بسادته ووسادته الخالية، فنحسبه والله حسيبه "أسدا" ولكنه النعامة فارحموها ودعوا رأسها كما تحب أن تضعه، وليس كما نُريد؛ فليست مريضة لنبحث في سر علاجها وإنما اعتادت أن تعيش هكذا.

ولله في خلقه شؤون.

 

"كان هذا حديثا في رواية قديمة لم تر النور منذ عقدين وكأنها تقول كم هذا العالم يشبهني الآن".

 

ومضة:

ليس بالضرورة أن يبقى البطل حيًّا إن كان لديه مدرسة وتلاميذ.

يقول الأحمد:

العلم عند الله والعمل عندك.

الأكثر قراءة