مِنَ الخير وإلى الخير ذاهبون

 

 

د. أحمد بن عبدالكريم بن عبدالله

مِنَ المُؤكَّد أنه لا يُوجد لدى أي من البشر العصا السحرية لتغيير أي شيءٍ في الكون أو المجتمع، أو حتى تغيير نفسه مهما أراد من خير، أو  بذل من جهد، وسعي له السعي الحثيث، إذا لم يكن واثقًا من نفسه فاهمًا لها ومتفهمًا لما يدور حوله من أحداث، مدركًا لمنافعه ومنافع مجتمعه ولحاضره ومستقبله، مُحَاطاً بفكرٍ متفائلٍ وعقل نيّرٍ نحو الانفتاح والقبول بالتغيير والتطور الإيجابي، وبمشيئة الله سبحانه وتعالى وقدره؛ ناظرًا إلى أمور الحياة وحاجياتها المعتادة من زواياها وأبعادها المختلفة برضا وإيمان ويقين تامين، مؤمنًا بأن ما قضاه الله من أمرٍ أو رزقٍ لن يتوقف أبدا عند أوقات معينة، أو أزمنة محددة، فنحن من نسعى لها ونحركها إلى سبيلها وقدرها المكتوب، وأنَّ سر نجاح البشر للوصول إلى غاياتهم وأهدافهم، وتحقيق طموحاتهم المشروعة هو "الإيمان بالله سبحانه، والتوكل عليه بعزم وإرادة وصبر وجلد"؛ لذلك فإنَّ إيماننا وفهمنا ومشاركتنا جميعا لرؤية واضحة صادقة ومخلصة بُذِلَ فيها الوقت والجهد، وأُنِفق عليها المال لصالح مستقبلنا ومستقبل أبنائنا وأجيالنا، والسعي لمتابعة تنفيذها وتحقيقها هو السبيل الأفضل والأنجع للعمل معاً، بإيجابية وتعاون وروح الفريق؛ تصديقا لقوله عز وجل: "وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".

وقد يتبادر إلى ذهن أو فكر البعض، وبسبب ما يدور ويحدث على المستوييْن المحلي والعالمي، تساؤل معين؛ وهو: كيف وإلى أين نحن ذاهبون؟، ولكن قبل أن نطلق أي من التكهنات أو حتى نجري تفكيراً سلبيًّا، يجب علينا حقًا دائماً أن نكون متفائلين وإيجابيين، وأن لا ننظر إلى الأمور بتعجُّل، أو نحكم عليها دون دليل أو برهان، ولنقل لعلَّ في ذلك خيرًا كما أمرنا الله سبحانه ورسوله وأهل العلم، وأن نكون متيقنين بأن غدنا ومستقبلنا سيكون مزدهراً بإذن الله تعالى، وأننا سائرون إلى الخير والأفضل مهما واجهنا في طريقنا من عوائق أو محن؛ فتلك الأشياء كلها ستمضي وتختفي، ولابد للإنسان أن يتحملها قليلا ويصبر فسيأتي الفرج والخير حتما لا محالة.

لقد تخطَّت بلادنا الغالية عُمان في ماضيها القديم بعصورها المختلفة الكثيرَ من الصعوبات بحكمة وبصيرة قادتها وتعاون شعبها، أما عن العهد الحديث لبلادنا وتحدياته المتباينة، فمنذ استلام المغفور له بإذن الله تعالى صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- مقاليد الحكم في عُمان في 23 يوليو 1970م، مرت بلادنا بالكثير من التحديات التي تم تجاوزها، فبذل المغفور له بإذن الله تعالى أقصى ما يستطيع من جهد لتحقيق ما يمكن تحقيقه، ووقف معه الشعب العماني الوفي كعادته بكل ثقة وإيمان وصبر؛ لتحقق عمان نموها الباهر، وغدها المشرق الذي نشهده اليوم جميعًا، بعدما مرت بأوقات عصيبة وظروف حرجة من الجهل والفقر والتخلف والألم، فاسترَّدت تاريخها العريق وماضيها الزاخر بالأمجاد، وغدت دولة لها مكانتها واحترامها في المجتمع الدولي، بمواقفها المشرفة وثوابتها الراسخة التي يُشار إليها بالبنان.

أما اليوم، فإن بلادنا الغالية عُمان تعيش عصر نهضتها المتجددة، وعهدها الزاهر الجديد لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه وأيده بنصره وتوفيقه- عهداً مشرقاً ومبشراً بالخير والنمو والازدهار والتقدم العلمي والتكنولوجي والرفاه الاقتصادي، عهدًا مختلفاً تماما بظروفه ومحيطه وتحدياته عن العهد الذي سبقه، لكنه حتما سيكون بهيًّا ومكملاً له في نهضته المتجددة، وتطوره واهتمامه ورعايته لاحتياجات ومصالح الشعب؛ فمنذ استلام جلالته مقاليد الحكم وإعلانه سلطانًا جديدًا على عُمان في يوم السبت 15 من جمادى الأولى 1441هـ، الموافق 11 يناير 2020م، تسابقت إلينا بشائر الخير والنمو والتطور، معلناً جلالته أنه سيواصل مسيرة النهضة المباركة، مؤكداً أن عُمان ستظل هي الغاية الأسمى في كل ما يقوم به ويسعى لتحقيقه، داعياً كافة أبناء الوطن إلى صَون المكتسبات والمشاركة الفاعلة في استكمال مسيرة البناء والنهضة المتجددة.

حيث أكَّد جلالته -حفظه الله ورعاه- في خطابه إلى الشعب، قائلاً إننا نقف بإرادة صلبة وعزيمة لا تلين على أعتاب مرحلة مهمة من مراحل التنمية والبناء في عُمان، وأننا ومن أجل تحقيق الأهداف المستقبلية للوطن، سنعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة... التي من أهمها: إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وتوجيه الحكومة بكافة قطاعاتها لانتهاج إدارة كفوءة وفاعلة، تضع تحقيق التوازن المالي وتعزيز التنويع الاقتصادي واستدامة الاقتصاد الوطني، والعمل على تطوير الأنظمة والقوانين ذات الصلة، إضافة لتوفير البيئة الداعمة والمحفزة للبحث العلمي والابتكار، ومدِّه بكافة أسباب التمكين، واللتان ستكونان في سلم الأولويات الوطنية، مشيرا جلالته إلى بدء تطبيق الرؤية المستقبلية "عُمان 2040" التي تستهدف وضع السلطنة في مصافِ الدول المتقدمة، والتفاعل مع التحديات الدولية الراهنة وتأثيراتها على المنطقة. أما في الشأن الخارجي، فقد أكّد جلالته على استمرار عمان في بث رسالة السلام حول العالم والسير على نهج المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سيعد -طيب الله ثراه.

هكذا كانت بلادنا الغالية عُمان تنعم بالخير في العهد السابق للمغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- وستنعم بالخير كذلك إن شاء الله تعالى في العهد الجديد الزاهر لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- والتي بدأت بشائر الخير والعطاء لعهده الميمون تعم بلادنا الحبيبة من أقصاها إلى أقصاها. حفظ الله عمان من كل سوء، ووفق قيادتها الرشيدة لما فيه الخير لصالح البلاد وعزتها ورفعتها، وسعادة ورفاهية شعبها، وأنعم عليها بالخيرات والأمن والسلام.