رفيقي لا يفارقني

 

جابر حسين العماني

Jaber.alomani14@gmail.com

 

لا زالت التكنولوجيا تشغل حيزاً كبيراً في حياة الإنسان، تُساعده وتُعينه على قضاء أعماله، وتلبية احتياجاته ورغباته، فأصبح المجتمع اليوم مختلفا تماما بعكس ما كان عليه في زمن الآباء والأجداد، ومن بين الموارد الهامة التي اهتم بها الإنسان على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي هي الهواتف النَّقالة، فهي من الإنجازات التي حققتها التكنولوجيا الحديثة، والتي من خلالها يعمل الإنسان بشكل مُستمر على التواصل الاجتماعي مع الأقارب والأصدقاء والمعارف، فأصبح بإمكان الجميع وبكل سهولة رؤية الأشخاص والتحدث معهم عن بعد أينما كانوا.

الهاتف النَّقال تطور عظيم، وإنجاز مُذهل حصل عليه الإنسان، فأصبح لا يستطيع فراقه والابتعاد عنه، ساهم في تغيير نمط الحياة الاجتماعية كثيرًا، فصار ارتباط البعض بهاتفه أكثر من ارتباطه بعائلته وعمله ومجتمعه، لذا ينبغي على المستخدمين لهذه التقنية التعرف عليها جيدًا قبل استخدامها، فهي سلاح ذو حدين، فكما أنَّ للهاتف النقال إيجابيات عظيمة وجليلة تساعد الإنسان أن يكون متقدماً في حياته الأسرية والاجتماعية، كذلك له سلبيات كثيرة تجعل من الإنسان متأخرا في حياته العلمية والعملية، فما هي الإيجابيات وما هي السلبيات؟

أما الإيجابيات فهي كثيرة أذكر أهمها:

التواصل المُباشر: من خلال الشبكة العنكبوتية مع الأهل والأصدقاء والأحباب أينما كانوا، وتقوية العلاقات الأخوية والاجتماعية بين الجميع من خلال التعارف البشري. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).

التعلم: فهو متوفر بشكل واسع عبر الإنترنت من خلال الاستفادة من الدروس التي تنشر عبر تطبيقات الهواتف النقالة، والاستفادة منها لزيادة الرصيد العلمي لدى الإنسان، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله سلّم: (من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سلك الله بِه طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماءِ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إنَّ العلماء ورثة الأنبياء، إنَّ الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درْهما إنما ورثوا العلم، فمن أخذ بِه فقد أخذَ بحظ وافر).

الإسراع في حالات الطوارئ: حيث إن الهواتف النقالة لها دور كبير وفعَّال في التواصل المباشر مع فرق الإنقاذ الصحية في المستشفيات، خصوصًا عند وقوع حوادث السير والإبلاغ عنها بشكل عاجل وسريع لإنقاذ الأرواح، قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) .

أما سلبياتها فكثيرة أيضاً أذكر أهمها :

استخدام الهواتف أثناء القيادة يُؤدي إلى زيادة حوادث السير، قال تعالى: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) لقد أثبتت إحصائيات رسمية أن 300 ألف من أصل 2,4 مليون حادثة سير في كل عام كان سببها الوحيد هو استخدام الهواتف النقالة، وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، ومراسلة الآخرين أثناء قيادة المركبة، تلك إحصائيات ونتائج توصلت إليها جامعة دويسبورغ إيسن، وهي إحدى الجامعات الحكومية التي تقع في مدينتي دويسبورغ وإسن في جمهورية ألمانيا.

استغلال الهواتف النقالة في التعدي على خصوصيات الآخرين من خلالها، وهذا لا يجوز (إن اللّه لا يحب المعتدين).

تتسبب الهواتف النقالة مع كثرة استخدامها بالضرر المباشر على دماغ الإنسان، ذلك أنَّ هناك موجات تصدر منها تجعل من المخ غير قادر على تفعيل مهامه بالشكل الطبيعي، لذا ينصح بتنظيم استخدام الهواتف النقالة خصوصاً للأطفال .

عدم استغلال الهواتف النقالة بالشكل السليم والصحيح يسبب الإدمان عليها، بحيث يؤدي ذلك إلى فتور العلاقات الأسرية والاجتماعية، فضلاً عن المشاكل الصحية التي تصيب العمود الفقري نتيجة الجلوس بشكل خاطئ لفترات طويلة .

على الإنسان أن يعلم جيداً أن الله تعالى ميزه من بين مخلوقاته بالعقل، فما عليه إلا استغلال العقل بالشكل الصحيح والسليم، خاصة عند استخدامه للشبكة العنكبوتية من خلال هاتفه النَّقال، والاستفادة من الإيجابيات التي من شأنها أن تجعله في صفوف الناجحين المُتقدمين في عالم الأسرة والمجتمع، وتجنب السلبيات، فهي لا تعود على الإنسان إلا بالمشاكل الصحية التي تمنعه من النجاح والازدهار الأسري والاجتماعي.