عُمان ورموزها خط أحمر

جابر حسين العُماني

Jaber.alomani14@gmail.com

 

من المؤسف أننا نعيش برمجة الإساءة من بعض الإعلاميين تجاه الرموز الكبيرة التي استطاعت بحكمتها، ودرايتها، وكفاءتها، وإسهاماتها المتواصلة، والتي من خلالها استطاعت خلق مكانة عظيمة ومرموقة لها في نفوس محبيها، بحيث إذا ذكر اسمها صار محلا للارتياح النفسي والروحي والبدني؛ وذلك بما قدمته من إسهامات جليلة في خدمة البلاد والعباد أينما كانوا في بقاع الأرض.

هُناك بعض الإعلاميين يبحثون عن الشهرة على أكتاف العظماء؛ لذا يتعمدون إحداث أكبر قدر من الفرقعة الإعلامية، والكلامية، المبالغ فيها، عبر البثِّ المباشر أو التغريدات الصغيرة، التي تتناسب مع حجمهم الصغير في الوطن العربي والإسلامي، وبذلك يخرجون عن القيم الدينية والاجتماعية، بحجة الرأي والرأي الآخر، متناسين أن من يُسيؤون لهم هم من أصحاب الفضل، والخير والعطاء، للأمتين العربية والإسلامية عبر التاريخ، بل ولهم تاريخ شامخ مشهود له بالعلم والمعرفة والأخلاق واحترام القيم والمبادئ الإنسانية التي نصَّ عليها الإسلام الحنيف، بل أسهموا في حقن الدماء في الوطن العربي والإسلامي عبر العصور؛ لذا احترمتهم الأعراف الاجتماعية المنصفة والعاقلة في العالم أجمع، قائدهم الخالد القائل لا نتدخل في شؤون الغير ولا نقبل بتدخل الغير في شؤوننا.

مُنذ أيام، ظهر عبر برامج التواصل الاجتماعي أحد الإعلاميين في قناة "الجزيرة"، مستعرضا لكلام لا يقبله الشرفاء والأخيار والمنصفين في سلطنة المحبة والوئام -سلطنة عُمان- مُسيئا بكلامه للرمز العُماني الخالد الكبير، السلطان المؤسِّس قابوس بن سعيد -رحمه الله- الذي بكاه شعبه العظيم من صلالة إلى مسندم، بل وبكاه محبوه في العالم بأسره، إلا أن تلك التغريدة الصغيرة كحجم صاحبها، لا تمثل إلا كاتبها حتما، ولكن عندما يكون المستهدف هو رمز من رموزنا الوطنية العظيمة، فمن الطبيعي أننا سنرد بكل ما أُوتينا من فطرة سوية وخلق عظيم وأدب رفيع تعلمناه من ديننا الحنيف وتربتنا العُمانية الأصيلة التي لا تنبت إلا طيبا.

أخي الإعلامي...، أسأت بتغريدتك لأهم رموزنا الوطنية، الذي يعتبر من أكثر وأقوى حُكام الوطن العربي قربا من شعبه، بل من دول العالم أجمع -شئت أم أبيت- عليك أن تعلم جيدا أن سلطان القلوب (قابوس بن سعيد) كان حكيمَ الأمة العربية، وكانتْ القضية الفلسطينية في وجدانه على الدوام حتى آخر يوم من حياته، لم ينسها أو يغفل عنها، بل كان يعمل جاهدًا لإيجاد الحلول المناسبة للأزمة الفلسطينية، التي تغافل عنها الكثيرون من أبناء هذه الأمة.

أيها الإعلامي...، اعلم أن الانفتاح على الغير لا يعني استبدال الهُوية الوطنية، أو العيش على فتات الآخرين، فأفضل ما يجب أن نكون عليه اليوم هو أن نكون مثالا حيا لأوطاننا وثقافتنا وعاداتنا وتراثنا العريق الذي لا غبار عليه.

اعلم أخي...، أن الرسالة الإعلامية لابد أن تكون إنتاجية، تُقدم للغير على طبق من الاحترام والتقدير والإجلال، بعيدا عن الإساءة، واستنقاص الغير بالكلام المنمِّق الذي يتشدق به المسيؤون، وهنا أدعوك لأن تتأمل قول الله العظيم قبل كتابة أي تغريدة أو نشاط إعلامي تريدُ بثه للناس، قال تعالى: "إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا"، وقوله تعالى: "مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ".

... إنَّ الكلمة التي يُطلقها البعض تجاه الآخرين بلا حساب أو تدقيق أو تركيز قد تؤدي لهدم كل ما بناه وشيده؛ لذا يجب على المتكلمين والكتاب ومنهم المسيئون أن يعرضوا ما يجب قوله وكتابته على العقل أولا، فإن كان ما كتبوه فيه مصلحة للناس نشروه وما كان فيه إساءة للناس حذفوه.

وأخيرا.. أيها الإعلامي، نحن أهل سلطنة عُمان لدينا إيمانٌ راسخ بـ"أن عُمان أولا وأن عُمان أخيرا، ولا شيء بين أولا وأخيرا غير عُمان" كما قال أحد الحكماء؛ لذا سنبقى نقول لك أيها الإعلامي المتسرع ومن هم على شاكلتك: "عُمان ورموزها خط أحمر".