عائض الأحمد
لتكُن منصفًا، ورأيك أقرب للصواب، ويؤخذ به؛ فليس أمامك من طريق غير التجربة المباشرة والممارسة الفعلية، لتحكُم بعد المعايشة وليس بعد الجدل والمناقشة؛ فهناك فارق كبير بين القائل والناقد كفرق المتحدث عن المستمع، أو كمن ينقد بيتين من الشعر وهو لم يسبق أن قال شطرهما.
ثم يتحدَّث ويسرد أخبارًا ويردد دراسات نشرت هنا وهناك، وقال الموقع، وصدر عن الصحيفة، وذكر العالِم فلان.. والكل يدور في فلك قالوا وسمعنا.
وإن سألته.. هل لك سابق ممارسة أو خبرة؟
أدار وجهه.. وقال: هي أقوال مُثبتة.. وكأنك تناقشه في كتاب مُقدَّس حفظ من سابع سماء.
بعض المتفيقهين يعتقدون أنَّهم حصلوا على كل شيء في أي شيء، ولن يقبل منك في أحايين كثيرة سلاما لتحيته؛ لأنك لا تعلم متى تُحييه أو تمسك عنه تحيتك المزعجة.
ملأوا الوجود ضجيجا وكأنهم وكلاء عن الله على كل كلمة تنطق، وكل فعل مباح عليك أن تمرِّره من خلالهم ليأخذ صبغته العاطفية الملتزمة بأخلاقيات المجتمع لكي لا تتعارض مع فلسفته وتقديره الشخصي المترتب عليه صلاح المعنى وفضيلة البناء على أساسيات النقد العائد إلى شخصيات ذات مكانة ودراية بما عليك أن تلتزم به منعًا للنفس الأمارة بالسوء، وتداركًا لكل ملذات الحياة، وسيلها المهلك لمن حاول أن يقف أمامه.
لاعتبارات كثيرة ليس من بينها مصلحتك الذاتية، وإنما مصالح الأمة، دون أن تخلط بين العام والخاص.. فلكلِّ مقام قائل واحد عليك أن تستفتيه، وتدع قلبك خارج المعادلة طالما لديك البديل المقنع والحجة البينة، فأنت ومالك وعقلك لا تساوي شيئا.
خُذها منه فقط، ولن تأتيك من غيره بهذا الوضوح الصادق الجلي، حتى لو بحثت عنها في بطون المعاجم وأمَّات الكتب، فأنت بحاجة للناقد الثاقب اللقط عين الحق وصوابه المفوَّه، مدرك ما لا يرى.. وحده هنا وكل الناس هناك.
يُحدِّثك عن مدارس النقد وأحقيته في نسف كل من له رأي يخالفه، طالما تعارضت الوسائل مع قواعد التطبيق المُعدَّة مسبقًا وفق نظرية نحن أولى بك من نفسك وأهلك وكل محبيك.
----------------
ومضة:
"لن تكذب أبدًا إذا تعلَّمت الصدق، ونعمة الصمت إن لم تحسن الكلام".