مقترح إلى الحكومة بشأن الوافدين

 

خلفان الطوقي

تَتَسارع بشكل لا يستوعبه عقل تبعات فيروس كورونا على جميع أنحاء العالم، حكومات ومؤسسات وأفرادا؛ فالعالم كان مختلفًا للعالم الذي سوف نعرفه بعد كورونا شِئنا أم  أبينا، أصبح العالم وطريقة ردات فعله أسرع بكثير مقارنة بالسابق.

ولأنَّ عمان ليست بمعزل عن العالم، ولأن السلطنة -كما هو معروف- تضم العديد من العمالة الأجنبية؛ فمن البديهي -ومن خلال المنطق الاقتصادي والتجاري- أنَّ الشركات التجارية مجبرة "عاجلًا أو آجلا" على البدء في تسريح جزء من العمالة، وتقليل مصاريفها أينما وجدت، ومن ضمنها إيجاد حلول تتعلق بالموارد البشرية، وكما هو معلوم أنها سوف تتبع "بدءًا من إجبار الموظفين على الإجازة المدفوعة، ومن ثم الإجازة غير المدفوعة، ومن ثم التسريح إن طالت واستمرت هذه الأزمة"، وعندما تبدأ عملية التسريح، فإنها سوف تختار غير العمانيين كمرحلة أولى، والتسريح سيكون ضحاياه من العمالة "غير الماهرة"، أو التي تسمى عُرفا "الرخيصة"، كعمالة شركات التنظيف على سبيل المثال ومن في درجتهم، وإعدادهم تعتبر كبيرة جدًّا.

الوضع الحالي: تُوجد عقود لهذه العمالة في الوزارات أو الشركات الكبرى، إضافة للعمالة السائبة، وبما أنَّ الأعمال لمعظم الجهات الحكومية والقطاع الخاص "قلت" بشكل دراماتيكي في هذه الأوقات الاستثنائية، فبعض هذه الجهات ستضطر أن تنهي هذه العقود؛ وبالتالي الشركات الخدمية سوف تضطر أيضا لتسريح هذه العمالة (مجبرة لا مخيرة)، ولكن الإشكالية الحالية -وبسبب إغلاق المطارات- سوف تظل هذه العمالة ماكثة في سكناتها بعضها (المنظم أو العشوئي) وانتشارها في الطرقات رغم محاولات إقناعهم العودة إلى سكناتهم، وهؤلاء يحتاج من يُعِيلهم ويطعمهم ويرعاهم، ربما بعضهم لديه مدخرات تكفيه أسبوعا أو أسبوعين فقط، ولكن ماذا بعد انتهاء هذه المُدخرات، فبكل تأكيد سيكونوا عبئًا ثقيلًا جدًّا (أمنيا وصحيا واجتماعيا وحقوقيا) على البلد أولا والكفيل والمجتمع بوجه عام، ولا داعي للشرح؛ لأن الكلمات التي بين القوسين شارحة لذاتها، تمكن مخيلة كل منا أن تستوعب "تبعات" والآثار السلبية لبقائهم دون عمل.

المقترح: تكوين فريق مُتخصِّص للتعامل بشكل استباقي مع هذا الموضوع الحساس، يتكون من "وزارة الخارجية وشرطة عمان السلطانية ووزارة القوى العاملة ووزارة الصحة وغرفة تجارة وصناعة عمان ومجموعة الطيران وشركة اللوجسيات"؛ لإيجاد "تفاهمات" استثنائية مع سفارات بعض الدول؛ مثل: بنجلاديش، الهند، باكستان، النيبال، الفلبين، وأي دول أخرى، لإيجاد آلية مناسبة لتسفير ونقل "العمالة" الزائدة، أو التي اضطرت شركاتهم لتسريحهم، والعمالة التي تعطلت بهم السبل الذين يعملون بشكل يومي، وأصبح لا حاجة لهم من عُمان إلى بلدانهم "جوا أو بحرا"، بعد إعطاء السلطنة الضمانات الكافية لهذه البلدان الصديقة بأنَّ جميع العمالة المرحَّلة اضطراريا تم الكشف عليهم (صحيا) ولا يحملون فيروس (كورونا).

إضافة لذلك، هذا الفريق مهمته الداخلية أيضا: وضع الآلية بشكل مفصل للتواصل مع أصحاب الأعمال المتضررة أعمالهم من جراء إنهاء عقودهم، أو ممن زادت عليهم العمالة ويرغبون في تسريحهم وترحيلهم خاصة (العمالة غير الماهرة)، وكيفية القيام بكل المراحل بدءًا من وضع "شروط" الذين يحق لهم التقدم لهذه المبادرة، وبعدها (الفحص) والتأكد من خلوهم من فيروس كورونا إلى تسفيره برا أو بحرا.

المقترح يمكن أن يُعدَّل ويُطوَّر بعد وصوله إلى المختصين والمعنيين، لكنَّ عامل الوقت في غاية الأهمية، والالتفات إلى الحلول الاستباقية أصبح ضرورة ملحة لحساسية الموقف وتبعاته التي يمكن أن تكون تكلفتها أغلى مما نتصوَّر في حالة عدم تبنيها، يُمكن المقترح خطوة سابقة لأوانها، لكن قضية العمالة المنتشرة والكثيفة تبقى مقلقة، ولابد لها من معالجات عاجلة.

حفظ الله عُمان وسلطانها واهلها والمقيمين عليها من كل شر.