جابر حسين العماني
الأطباء والممرضون هم الجنود المجهولون الذين كانوا في الصفوف الأمامية الأولى في مُكافحة العدوى بفيروس كورونا، كانوا ولازالوا بعقولهم المتفتقة بنور العلم والفهم، وبلباسهم الأبيض، وأقلامهم الملونة، وأقنعتهم التي غطَّت وجوههم، يواجهون الفايروس القاتل "كورونا" منذ الوهلة الأولى لظهوره في المجتمع البشري، غامروا بأنفسهم وأرواحهم لإنقاذ المرضى الذين أصابهم المرض، فهم الوحيدون الذين يقفون اليوم بكل شموخ وعزة وبطولة في مُواجهة وباء العصر بلا خوف ولا وجل ولا أي تردد، لذا غير فيروس كورونا خارطة حياتهم اليومية، فصار الوقت يملكهم ولايملكونه، ومع كل ذلك اخلصوا واجتهدوا في مهنتهم وبذلوا وضحوا بكل شيء في سبيل سلامة وصحة الإنسان .
إنَّ من واجب الإعلام المرئي والمسموع اليوم تسليط الضوء على خطورة وصعوبة العمل الشاق الذي تقوم به الطواقم الطبية في كيفية التعامل مع من أصيبوا بفيروس كورونا، فما أعظمها من مهمة عظيمة شاقة كلفت الأطباء والممرضين الكثير من الجهد العظيم الذي حال بينهم وبين التواصل مع عائلاتهم، بل وحرمهم من لذيذ طعامهم وشرابهم ونومهم، ذلك بهدف تقديم أفضل ما يكون من أجل الحد من انتشار فيروس كورونا، وحماية الإنسان من الأوبئة والأمراض والأسقام .
كان ولازال الأطباء والممرضون سادة الإيثار، فقد آثروا على أنفسهم وضحوا بكل غالٍ ورخيصٍ من أجل سلامة من حولهم، ذلك أنهم امتهنوا أشرف المهن وأجلها على الإطلاق، فما أعظمها من لحظات إنسانية قدموها من أجل حماية المجتمع البشري من عدوى كورونا، فقد أظهر الإعلام في هذه الفترة العصيبة صورا لطبيبات وأطباء وممرضين وممرضات وهم يحلقون رؤوسهم في سبيل تجنب العدوى ونقل الميكروبات للمرضى! ولم يكتفوا بذلك! فقد آثروا بجمال أجسادهم في سبيل حماية الإنسان وصحته، فتشققت وجوههم وتقرحت بل وأدميت لكثرة لبسهم الكمامات والقفازات والبدلات الواقية لساعات طويلة ومتواصلة من العمل الجاد والمخلص، فما أجمل أن يقف المجتمع البشري اليوم وقفة إجلال وإكبار لتلك الفرق الطبية التي ساهمت وتُساهم في حفظ صحة وسلامة الإنسان على الأرض .
لاغرابة في كل ذلك، فعندما نرى إخلاص الأطباء اليوم نستحضر إخلاص الماضين منهم، أمثال: جابر بن حيان الذي قدَّم الكثير من الإنجازات لهذه الأمة، والتي ساهمت في صحة وسلامة الإنسان على الدوام، وكذلك أبوبكر الرازي الذي له الكثير من الرسائل العلمية في شتى مجالات الأمراض المعدية... وغيرها، والذي كتب بإخلاص في كل فروع الطب في ذلك العصر، فكان مثالا يحتذى به إلى يومنا هذا، وغيرهم من الأطباء الذين أخلصوا في خدمة البلاد والعباد .
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: "من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق" .
هناك الكثير من الواجبات التي ينبغي القيام بها تجاه الأطباء، والممرضين، والطواقم الطبية المخلصة في زماننا الحاضر، فلولا وجودهم بيننا لم يستطع العالم البشري بأكمله التقدم والازدهار والنجاح، لذا يجب على الإنسانية جمعاء تقديرهم واحترامهم وتكريمهم وإجلالهم، فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يعلم أمته احترام الأطباء واللجوء إليهم طلباً للشفاء، فحينما اشتد المرض بسعد بن أبي وقاص قال: اذهبوا به إلى الحارث بن كلدة طبيب العرب، فإنه "رجل يتطبب"؛ فمن الواجب احترامهم وتكريمهم على ما بذلوه ويبذلوه، وقدموه ويقدمونه من إنجازات علمية وخدمية جبارة في خدمة الإنسانية، فمجهودهم عظيم لا يُقاس، وهو واضح للعيان، سواء بما قدموه من أبحاث واكتشافات علمية وعملية، أو لتمثيلهم لبلدانهم في أنحاء العالم من خلال المؤتمرات، أو علاج المرضى والتخفيف من آلامهم ومعاناتهم، فأصبحوا اليوم بكل تلك الإنجازات العظيمة مفخرة للإنسانية جمعاء.