جابر حسين العماني
Jaber.alomani14@gmail.com
مرَّت البشرية بعِدَّة ابتلاءات تمثلت في الأوبئة والأمراض التي أرهقت البلاد والعباد، فقد ابتليت الإنسانية بالطاعون، وإنفلونزا الخنازير، والحمى، والجوع، والفقر... وغيرها من الأوبئة والأمراض والابتلاءات التي أثقلت ظهر الإنسان وعكرت صفو حياته.
إنَّ البلاء الحقيقي والامتحان المؤكَّد يتكرَّر اليوم مع فيروس "كورونا"، فيا تُرى من هو السبب في كل تلك الابتلاءات التي مرت وتمر على البشرية؟ الجواب: السبب هو الإنسان نفسه، عندما يطغى، ويظلم، ويستبد، ويعين على انتشار الفساد بين الناس؛ فقد أصبح وأمسى يعاني من تلك الأمراض المعدية التي باتت مصدر خوف وذعر ورعب وهلع في الأسرة والمجتمع. قال تعالى: "ولنبلونكم بشيء من الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ"، وقال تعالى: "فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ".
لذا؛ لا تجوز الاستهانة كما لا يجوز الخوف من بلاء فيروس كورونا، فالمرض نوعان: نوع يُبتلى به فرد واحد في المجتمع وهو بالتالي مسؤول عن نفسه وعن مرضه، ونوع يبتلى به عموم الناس فمسؤولية معالجته تقع على جميع أفراد المجتمع، وهذا يتطلَّب من الجميع الحكمة والتعاون والالتزام بالتعليمات الصادرة عن الجهات المعنية والرسمية، وتحمُّل المسؤولية الكاملة تجاه ذلك، وعدم استغلال المرض لمصالح خاصة، أو سياسية، فتلك هي مسؤولية دولية مجتمعية لابد من الجميع المشاركة في الحد من انتشار فيروس كورونا.
إنَّ فيروس كورونا أرعب البلاد والعباد، وما هو إلا رسالة إلهية سماوية واضحة وصريحة تدعو الناس لتجنب الظلم، والفساد، والانحطاط الأخلاقي، وسفك الدماء بغير حق، والرجوع إلى الله تعالى، فيا تُرى هل سيعود بعض البشر إلى رشدهم؟ أم سيُكابرون كما كابر وتكبر وطغى فرعون في الأرض؟ وهو الذي أرسل الله له البلاء من حيث لا يشعُر.
لابد للإنسان أنْ يعي جيدًا أنَّ لهذا الكون ربًا يحميه، ومَا يَحْدُث فيه من شيء إلا بأمر منه سبحانه؛ لذا على الإنسان أن يتفكَّر جيدا فيما حصل ويحصل للبشرية على الدوام، ليستطيع الوصول إلى الله بشكل أفضل وأجمل وأكمل.
فإنَّ فيروس كورونا الصغير الذي لا يرى بالعين المجردة استطاع إغلاق المسجد الحرام بمكة، ودور العبادة في كثير من بلاد العالم، ونشر الذعر والخوف في كل مكان وصوب، قال تعالى: "وما يعلم جنود ربك إلا هو"، وقال تعالى:" كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِىٓ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِىٌّ عَزِيز".
فتلك هي رسالة واضحة مُلخَّصها: أن الله كبير مهما كنت أيها الإنسان قويا ومتفوقا في سماء العظمة البشرية، فأنت في قبضة الله الواحد الأحد.. هناك مسؤولية عظيمة يجب أن يتحمَّلها الجميع من أجل القضاء على فيروس كورونا، والرجوع إلى حياة الأمن والأمان والراحة والاستقرار، وهي كالآتي:
- الرجوع والتضرع إلى الله تعالى.
- الاستغفار.. قال تعالى: "وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا".
- التقليل أو المنع من أكل المطاعم والمقاهي.
- عدم زيارة المجمعات التجارية إلا للضرورة القصوى.
- الابتعاد عن الأماكن العامة.
- ترك السفر إلا للضرورة القصوى.
- عدم لمس الوجه بدون غسل اليدين.
- الابتعاد عن المصافحة والتقبيل والمعانقة في هذه الفترة الحرجة، والاكتفاء بتحية الإسلام؛ وهي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- الابتعاد عن الصالونات الرجالية والنسائية.
- عدم استخدام الأدوات ذات الاستخدام الجماعي.
- قراءة دعاء الحفظ من الوباء والبلاء لرفع هذه الغمة عن هذه الامة بشكل يومي وهو كالآتي:
"بسم الله خير الأسماء، بسم الله رب الأرض والسماء، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه سم ولا داء، بسم الله أصبحت وعلى الله توكلت، بسم الله على قلبي ونفسي، بسم الله على ديني وعقلي، بسم الله على أهلي ومالي، بسم الله على ما أعطاني ربي، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم".
"الله ربي لا أشرك به شيئا، الله أكبر، الله أكبر وأعز وأجل مما أخاف وأحذر، عز جارك، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك".
اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر كل سلطان شديد، ومن شر كل جبار عنيد، ومن شر قضاء السوء، ومن كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إنك على صراط مستقيم، وأنت على كل شيء حفيظ".
"إنَّ وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين، فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم".
وقول: "اللهم بحقك وبحق رسولك محمد المصطفى -صلى الله عليه وآله وصحبه أجمعين- أن تجعل لنا فرجا، ومخرجا، وشفاء من الغموم، والبلاء، والوباء، والطعن، والطاعون، والعناء، ومن جميع الأمراض، والآفات، والعاهات، والبليات في الدنيا يا رب العالمين".