"ذي آيريش تايمز": المملكة المتحدة تطلق النار على قدميها

ترجمة- رنا عبدالحكيم

وصفت صحيفة ذي آيريش تايمز الأيرلندية قيام المملكة المتحدة بإبرام اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي عقب تنفيذ صفقة الخروج "بريكست"، بأنه "إطلاق النار على قدميها".

وبحسب تحليل نشرته الصحيفة أعده مارتن وولف كبير المحللين الاقتصاديين في صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، فإذا استمر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في هذا الطلب، فمن المحتمل أن تعاني المملكة المتحدة، في أوائل العام المقبل، من الانقطاع التام للعلاقات التجارية التي أقامتها على مدار 47 عامًا مع الاتحاد الأوروبي.

وقدمت الحكومة البريطانية الأسبوع الماضي مطالبها في المفاوضات التجارية مع الاتحاد، ولسوء الحظ، فهي غير واقعية في ثلاثة جوانب؛ الأول: أن الأمل في أن يكون أي اتفاق بين طرفين "متساويين في السيادة"؛ والثاني: الاعتقاد بأن الاتحاد الأوروبي سيوافق على اتفاقية على غرار كندا. أما الجانب الثالث فيتمثل في أن علاقة أستراليا مع الاتحاد الأوروبي، التي تحكمها قواعد منظمة التجارة العالمية، بمثابة بديل معقول.

ووفقا للقانون الدولي، فإن المملكة المتحدة دولة ذات سيادة، لكن السيادة لا تعني القوة، ويضم الاتحاد الأوروبي 446 مليون نسمة، مقابل 66 مليون نسمة في المملكة المتحدة. ويبلغ اقتصادها ستة أضعاف اقتصاد المملكة المتحدة. والاتحاد الأوروبي أيضًا أقل اعتمادًا على التجارة مع المملكة المتحدة مما هو صحيح في الاتجاه المعاكس. إذن لنكن واضحين: هذه ليست علاقة بين ندين متساويين.

مصاعب اقتصادية

ومكمن الصعوبة التي تواجهها المملكة المتحدة في علاقتها مع الاتحاد الأوروبي تتمثل في أنها أصغر من أن تكون مساوية له وكبيرة على أن تكون العكس. إنها شريك تجاري للاتحاد الأوروبي بنفس أهمية الولايات المتحدة، والمسافة ضرورية في تحديد التبادل التجاري الثنائي. ونظرًا لأن المملكة المتحدة شريك تجاري أهم بكثير للاتحاد الأوروبي من كندا، فإن الكتلة أكثر حذرا تجاه قدرة بريطانيا على تعطيل اقتصادها. وفي الوقت نفسه، بالنسبة لأستراليا، فإن التجارة مع الاتحاد الأوروبي تسجل مستويات ضئيلة. لكن الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأكثر أهمية للمملكة المتحدة، ويجب على المملكة المتحدة ألا تقبل نفس العلاقة التجارية مع الاتحاد الأوروبي على غرار العلاقة مع أستراليا.

ويوضح منظور الاتحاد الأوروبي الشامل والمميز للمحادثات كيف يرى المفاوضات؛ أولاً، ترى بروكسل "الشراكة الجديدة" بمثابة "حزمة واحدة"، وهذا لتغطية "الترتيبات العامة" بما في ذلك الأحكام المتعلقة بالحكم، و"الترتيبات الاقتصادية" بما في ذلك "ضمانات التجارة والتكافل"، والترتيبات الأمنية بما في ذلك إنفاذ القانون والتعاون القضائي والسياسة الخارجية والأمن والدفاع.

ثانياً، القضايا كثيرة ومعقدة؛ وتشمل حماية البيانات، والمشاركة في البرامج النووية للاتحاد الأوروبي، والتجارة في السلع والخدمات، والملكية الفكرية، والمشتريات العامة، وتنقل الأشخاص، والطيران، والنقل البري، والطاقة، ومصائد الأسماك، والتعاون القضائي، والتعاون في مجال السياسة الخارجية والتعاون الإلكتروني الآمن. لكن يعتقد المغيبون أن كل هذا يمكن الاتفاق عليه والتصديق عليه في غضون عام! وفكرة أن المملكة المتحدة يجب أن تتخلى عن هذا الأمر، إذا لم يتم الاتفاق على كل ذلك في هذا الوقت القصير، تبدو مجنونة.

القرب الجغرافي

ويذكر الاتحاد الأوروبي أنه "بالنظر إلى القرب الجغرافي للمملكة المتحدة والاعتماد المتبادل الاقتصادي، يجب أن تضمن الشراكة المتصورة المنافسة المفتوحة والعادلة. ولتحقيق هذه الغاية، ينبغي للاتفاقية المتوخاة أن تلتزم بالمعايير العالية المشتركة في مجالات المساعدات الحكومية، والمنافسة، والمؤسسات المملوكة للدولة، والمعايير الاجتماعية والتوظيف، والمعايير البيئية، وتغير المناخ، والمسائل الضريبية ذات الصلة".  ما يقوله الاتحاد الأوروبي هنا هو أن الحكم الذاتي الخاص بك يتوقف حينما يزعجنا، وإذا أصرت المملكة المتحدة على ذلك، فقد لا يتم الاتفاق على الصفقة التي تسعى إليها.

ويخلص الكاتب في نهاية تحليله إلى أن جونسون سيتراجع عن خطوطه الحمراء، وهذا ما فعله في أكتوبر الماضي بشأن قضية الحدود الأيرلندية، عندما قبل التقسيم الاقتصادي لبلاده، وهو أمر كان سلفه يرفضه تمامًا، مع إنكاره أنه فعل أي شيء من هذا القبيل.

والنتيجة المحتملة هي عدم إبرام صفقة، وإذا كان الأمر كذلك، فكلما زاد الاضطراب الذي تلا ذلك، زاد احتمال أن تحاول حكومة جونسون إلقاء اللوم على الاتحاد الأوروبي. وقد تسعى إلى الانتقام، ربما عن طريق محاولة التحالف مع الولايات المتحدة ضد الاتحاد الأوروبي.

تعليق عبر الفيس بوك