جابر حسين العماني
من المواقف السيئة التي باتت تؤرق الكثير من المجتمعات العربية والإسلامية والتي جعلت من الأسرة المسلمة تعيش القلق والخوف والهلع والرعب هي: ظاهرة التحرّش الجنسي بالفتيات اللاتي يتعرّضن للإيذاء الجسدي والنفسي مما يواجهنه من تعليقات وحركات واتهامات سيئة من الشباب غير الواعي في المجتمع، لذا فإن التحرش الجنسي له أشكال متنوعة ومختلفة مثل: النظر بشهوة، والتعبير بالوجه، واللمس باليد، والقدم، والتعليقات، والملاحقات، والتتبع في الشوارع والسكك، ومواقع العمل، والمدارس، والمطاعم، والأسواق، والمنازل، والإنترنت .
لقد أصبح التحرش الجنسي بالفتيات موضوعًا عالميًّا مطروحا بشكل مفصل للنقاش الجاد على طاولات المؤتمرات والندوات والمحاضرات، ذلك لأن التحرش الجنسي يمثل القبح البشري الذي ربما يكون في دقائق معدودة، ولكن تتبعه آثاره النفسية السيئة التي تقع على الضحية وتصل لدرجة الصدمة النفسية، وتمر بمراحل في تفكير الضحية، فتبدأ بإنكار الواقعة، ثم تفقد السيطرة على الإنكار، وربما وصلت تلك الحالة الى الاكتئاب ومنه إلى الانتحار.
والتحرش له أسباب أذكر منها الآتي:
- ضعف الوازع الديني وعدم الاهتمام بأعراض الناس وصيانتها، قال تعالى: "وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ" (الزخرف:36)
- عدم الاهتمام بالتربية الحسنة الصالحة التي ينبغي أن تسود الجو العائلي، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
- عدم متابعة الأسرة من قبل الوالدين وترك الحبل على الغارب.
- عدم الاهتمام بمتابعة الأبناء ومعرفة: من أين جاؤوا؟ وإلى أين ذهبوا؟ ومع من جلسوا؟
- الإباحية التي تروج لها بعض وسائل الإعلام غير النزيهة من خلال: الأفلام، والأغاني، والمعازف التي تخصصت في إثارة غرائز الشباب، والتي جعلت من بعض الشباب لايستخدمون عقولهم إلا في كيفية إشباع رغباتهم الجنسية فقط لاغير، قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ" (النور:21).
- إهمال مشروع الزواج في المجتمع والأسرة وتعقيده وتأخيره وعدم تشجيع الشباب عليه، وسهولة إيجاد الحرام وإشاعته وتيسيره في الداخل الأسري والاجتماعي، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تزوجوا فإن الزواج سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني.
لكن أيضا مما يؤدي إلى التحرش الجنسي بالفتيات هو: ما تقوم به بعض الفتيات من أعمال منافية للشرع والأخلاق في بعض الأحيان مما يساعد ذلك على إنتشار ظاهرة التحرش بشكل واضح وصريح وعلني في المجتمع وهو الآتي:
- اللبس غير المحتشم؛ كأن ترتدي الفتيات الملابس الضيقة او القصيرة التي تحاكي أجسادهن وتظهر مفاتنهن للشباب، قال تعالى: "وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ" (النور:31).
- الابتسامة والضحك في وجوه الشباب، وعدم مراعاة العفة والوقار، مما يلفت الشباب، ويشد انتباههم لممارسة النظر المحرم مما يؤدي ذلك إلى التحرش بالفتيات.
* التمايل بالمشي مع لبس الكعب العالي الذي له صوت إيقاعي لافت لأنتباه الشباب.
* الخروج من المنزل بعد وضع مساحيق المكياج والزينة والعطور الملفتة.
* ترقيق الصوت عند مخاطبة الناس بغرض إغراء الجميع، قال تعالى: "فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ" (الأحزاب:32)، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من ملأ عينه من حرام ملأ الله عينه يوم القيامة من النار".
وهناك أرقام صادمة أعلنتها المنظمات والتي تؤكد ارتفاع حالات التحرش والعنف الجنسي والجسدي ضد الفتيات بحوالي 35% على مستوى العالم، وهذه الإحصائية مخيفة ومريبة تستدعي الحذر لدى الجميع، لذا لابد من علاج ظاهرة التحرش الجنسي للفتيات علاجا جذريا، والحد من انتشارها في المجتمع مما يجعل المجتمع ينعم بالأمن والاستقرار والهدوء والسكينة.
الحل لا يكون إلا من خلال اتباع ما جاء به الإسلام من تعاليم سامية تعلم الإنسان القيم والمبادئ والأخلاق من خلال احترام وإجلال الإنسان للآخر، وذلك بسد جميع الطرق والمنافذ التي توصل الإنسان إلى هتك أعراض الناس من خلال: أهمية الحفاظ على الحجاب، وغض البصر، وحرمة الخلوة بالمرأة الأجنبية، وتنظيم قانون صارم يعاقب من يعين على انتشار ظاهرة التحرش بالفتيات، قال رسول الإنسانية محمد صلى الله عليه وآله وسلم في خطبة الوداع: "فإنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، فليبلغ الشاهد الغائب".