ناصر بن سلطان العموري
مازالت حوادث الحافلات المتجهة للديار المُقدسة لأداء مناسك العُمرة تطل برأسها ولو بصورة غير منتظمة، نعم هو أمر الله وقدره، ولكنَّ الإنسان مُطالب بالتحري عن الأسباب ومعرفة المُسببات وكلنا سمعنا عن أخبار الحادثة الأخيرة التي جرت مؤخرًا لإحدى الحملات العُمانية كانت نتيجتها وفاة اثنين من المُعتمرين (رحمة الله عليهم) وإصابة آخرين (عافاهم الله) وأتساءل كما يتساءل الكثيرون غيري ما الذي يجعل حوادث الحافلات تتكرر ولو بعد زمن معلوم وعبر حملات مُختلفة وهل يوجد أصلا اشتراطات من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية هدفها تنظيم هذا القطاع مع ضمان سلامة المُعتمرين وحفظ حق أصحاب الحملات فهو في الأخير مصدر رزقهم.
وعند استقرائي للأمر من قبل عدد من أصحاب الحملات وعدد من المعتمرين بصفتهم أصحاب الشأن وجدت أن الأمر يفتقد للتنظيم وهو بحاجة لعمل آلية ممنهجة مبدأها لا ضرر ولا ضرار بالنسبة لأصحاب الحملات فيما يتعلق بمسألة الربح والخسارة مع ضرورة تأمين سلامة المعتمرين لاسيما أنّ المسافة ليست بالقصيرة والتي تقدر بـ ٢٣٠٠ كيلومتر واستخلصت من واقع الاستقراء عددا من الاقتراحات التي أسردها عبر هذا المقال لعلها تجد آذآنا صاغية من جانب وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وتساهم في تنظيم وتيسير أداء مناسك العمرة بالشكل الأمثل:
- أن تكون الحافلة مصانة بشكل جيد ومجهزة للسفر للمسافات الطويلة.
- إجبار الحملات على المبيت بإحدى الاستراحات في منتصف المسافة هذا إذا توفر سائق واحد فقط خشية إرهاق السائق فهو بشر ومعرض للأرق والتعب أو الإعياء والمرض.
- ضرورة توفر سائق ومساعد لكل حافلة نظرًا للمسافة الطويلة إذا لم يتوفر المبيت ذهاباً وإياباً وهذا طبعاً يرجع لسعر الحملة ومدى تعدد الخدمات بها.
- ضرورة التوقف وعدم المجازفة بأرواح المعتمرين من بعد الساعة 12 بعد منتصف الليل إلى الساعة 6 صباحاً عند ارتفاع نسبة الضباب وانعدام الرؤيا في مكان مُحدد يعرفه سائقو الحافلات أو أثناء نزول الأمطار بغزارة في الطريق.
- تحديد أشخاص من جانب صاحب الحملة يقومون بمؤانسة ومسامرة السائق والانتباه معه خشية النعاس أو الانشغال أثناء الذهاب أو العودة فمعظم الحوادث وقعت وجميع الركاب يغطون في نوم عميق
- تكثيف بث الوعي لدى فئات المُجتمع المختلفة بضرورة اتباع خطوات السلامة الاحترازية أثناء الذهاب للعمرة أو الحج عن طريق البر.
- ضرورة أخذ راحة إجبارية لسائقي الحافلات ليلة السفر فمنهم من لا يرتاح ليلة السفر بسبب تأجيل بعض الأعمال إلى الوقت الأخير قبيل السفر فبعض سائقي الحافلات يتعللون بأنهم لا ينامون طوال الليل بسبب الاشتعال ببعض الأعمال الأخرى.
- ضرورة أن يكون السائق ذا خبرة ومعرفة بالطريق مما يُتيح له الانتباه جيدًا لأنَّ مُعظم الحوادث تقع مع الشاحنات ولو تمعنَّا جيدًا فنجد معظم شاحنات دول الجوار لا يُوجد بها إنارات كافية ولا العاكس الفسفوري الذي يوضح وجود شاحنة أصلاً في الطريق المظلم.
- عدم تسيير السائق في رحلة أخرى للديار المُقدسة إلا بعد استراحته لمدة أسبوع على الأقل تجنباً للإرهاق.
- عدم استخدام الحافلات بشكل مستمر وإن كانت من حديد فليس من المنطق أن تصل الحافلة عصرا للمدينة المنورة وفي اليوم الثاني تتحرك لمكة المكرمة فلابد من صيانتها أو على أقل تقدير الصيانة البسيطة لها.
- وضع حد لأسعار حملات العمرة بالاتفاق مع أصحاب الحملات شريطة أن تشمل الاشتراطات والخدمات المذكورة أعلاه ما يضمن راحة وسلامة المعتمرين.
إنَّ ما تمَّ ذكره من اشتراطات مقترحة نبعت من وحي الواقع المُعاش، وأرى من الضروري تطبيقها من جانب أصحاب الحملات ومتابعة وزارة الأوقاف والشؤون الدينية لها متابعة دقيقة حرصًا على سلامة المعتمرين وبما يخدم صالح جميع الأطراف فمتى ماوجد التنظيم كان النجاح حليفاً.