سوء كيلة

 

عائض الأحمد

 

جمعني حديث عابر مع أحد الإعلاميين أو من يطلق عليهم الإعلاميين الرياضيين، نسبة لاهتمامهم بهذا الشأنِ؛ فبادرني بالسؤال: لماذا لا تكتب عن الرياضة.. هي طريق الشهرة ومجال خصب للحديث والجدل والإثارة؟ كل ما عليك أن تقول ما تشاهده فقط من وجهة نظرك الشخصية دون أن تضع أي حسابات مسبقة لهذا أو ذاك.

كنت أنصت له وأنا أعلم جيدًا أنه يقول أي شيء، ويتحدث عن كل شيء، وتعتقد لوهلة أنه رئيس النادي أو مدرب الفريق أو أحد أفراده، ويظهر لنا دائمًا أنه رئيس رابطة مشجعيه، وأحد الأوصياء عليه، وعليهم استشارته في كل صغيرة وكبيرة؛ ليرضى حضرته قبل ظهوره الصباحي أو المسائي، حسب الحاجة يحمل أجندته متنقلًا دون كلل أو ملل، ينثر حبات الرمل التي يحملها أينما ذهب فلا قيمة لها إن ألقاها أو أمسَكَ بها.

ولا غرابة.. فقد يخرجك من كل مسلمات الوطن والوطنية لأنك لم توافقه الرأي، وقد يدعو عليك ويستنجد بالسماء رافعًا أكفه لطلب سحقك ومحوك، وأن يحل بك الشر المستطير.

البعض منهم يكذب ثم يكذب حتى يعتقد جازمًا أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه، وأن الحق ماحق به لسانه. هو موسوعة في علوم السرد اللا منطقي، مستشهدًا بسمعتُ وقال فلان عن أخيه عن ابن عمه إلى آخر فصيل عشيرته الأولين.

في لحظات تعتقد بأن هذا الرجل فاقد الأهلية، وكأنه غبي أو أحمق، لا يعي ما يقول، يصدر ضجيجًا يتأفَّفُ منه كل من حوله، مستمتعًا بتصفيق جماعة من غلب على ذكرى (توهم المجنون بأن العقل في يده، فسأل الحاضرين من منكم رآه فإني لا أرى غير بياض يدي)، هؤلاء القلة حضورهم المكثف، جعل العقلاء يعتقدون بأنهم الأغلبية. حتى الوسط نفسه ملَّ ظهورهم.

لا تناقش حكواتي أو قصاص أثر.. هل تعلم لماذا؟ لأن الجميع يسرد لك ما تريده وليس ما ثبت صحته.

كانت جدتي -رحمها الله- تقول إياكم ومجالس النميمة؛ فإنها أقصر طريق إلى فَقْد الأصدقاء والمعارف والأحبة المُقربين. وكم تمنيت استضافتها قبل رحيلها؛ علَّ وعسى إعلاميو الغفلة ينهلون من فكرها وحسن خلقها، علمًا بأنها أكملت تعليمها في أرقى الجامعات على وجه الأرض (جامعة الصدق والأخلاق، ومحبة الناس).

ويختم حديثه لي قائلًا: بأنه تعدى مرحلة الشهرة وتجاوزها إلى مرحلة التأثير المُباشر، وكما قال: يستطيع تحريك مدرج كامل بنصف كلمة أو على رأي أهل المسرح (إفِّيه) يُسقط به أعتى خصومه. ليته يدرك بأن الشهرة ليست في كثرة ظهوره أو من يردد اسمه؛ (فمسيلمة الكذاب) لا يزال التاريخ يذكره إلى الآن.

بعض المنشآت قبل التعاقد مع موظفيها تطلب منهم تقديم ما يثبت حالتهم الصحية والنفسية وخصوصًا (النفسية)، وأزعم بأنَّ بعض القنوات الخاصة معنية بعرض بعض من تفتح لهم هذا الفضاء لمثل هذا الإجراء الاحترازي المهم.

وأخيرًا.. الكلمة أمانة، إن لم تكن قادرًا على حملها فالصمت خيرٌ لك ورحمة بنا.

********************

ومضة:

تعلم متى تصمت.

الأكثر قراءة