عائض الأحمد
المدح بصيغة الذم أو العكس؛ فلم يعد الموضوع ذا جدوى، فكلُّ الأمور تشابهت حتى الذئاب المفترسة أصبحت لها ألقاب.
فلو ناديت حيوانًا باسمه، أتاك منصاعًا، بينما لقبُ سيد القوم (الهامور)؛ لقدرته على التهام الصغار دون وجه حق، وخوفًا على مشاعره الرقيقة وحسن نواياه، هو هامور، وحاشاه أن يكون سيد اللصوص، وهو من يقتات ويتلذذ بانتهاك حقوق الغير بصفته فقط.
السرقات، ومخالفة النظام، وتجاوز كل الأعراف (فهلوة، وشطارة)، وقانون الأذكياء يحميهم من الأغبياء.
ومَنْ قال لك أن تكون مغفلًا؟
تكريس هذا المفهوم بين الناس جعل البعض يستسهل حقوق الآخرين، وجعل من أفعال البعض مطية للخروج على النظام، وكأن آخر اهتمامه هذا الإنسان.
كثرة الذئاب والأسود والهوامير البشرية جعلت من الأرنب صيدًا سهلا؛ فكم من أرنب صال وجال وانتهى على مائدته؟ (إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب). وحقك يا بُني إن لم تأخذه بيدك فأنت "خروف" تنقاد إلى مذبحك دون تحية أو سلام.
هل هذا ما تريدونه؟
إنْ لم تجد وصفًا لأفعالك غير التشبه بهذا الحيوان، فما بال الحمار؟ هذا الكائن الجميل الأليف اللطيف المسالم الملتزم بالنظام المحب المطيع الذي يحترم دوره ويقف بكل شموخ يُضرب به المثل في التفاني والإخلاص دون ضجيج أو إثارة من شاهده يومًا قال أفٍّ لسيده.
وبما أنَّ الحديث عن الحيوانات؛ فقد أصبح ذاك الرجل (الرومانسي) الرائع الهين اللين خروفًا في بيته، لا لشيء، إنما لكونه خالف حيواناتهم المفترسة، وجعل من حياته سهلة بسيطة فيها جمال الحياة ورؤيتها كما هي لا أكثر.
ولا يحلو الكلام إلا بذكر سيد الأنعام ذاك المنتشي الهمام، طاووس العصر، وبعد المغرب فتى أحلام القاصرات، دنجوان عصره، ملك الزمان، وفارس بنى خيبان.
قسمًا بمن أحل القسم، لو نطقت هذه الحيوانات لقالت لكم كفاكم تعريضًا بنا؛ فقد خلقكم الله وأحسن خلقكم فما بالكم تتصفون بمن هم أقل شأنًا منكم! ألخيباتكم تدارون أم لزلات وهوى أنفسكم تتوارون خجلًا؟!
إنَّها دعوة لجمعيات حقوق الحيوان بالتدخل في هكذا حال، أوليس من حق هذه المخلوقات أن تعيش دون تشويه لسمعتها ومقارنتها بهذه الأفعال الإنسانية المريبة. إن كانت حياتنا صنيعة أفعالنا فإن أفكارنا هي خطوات أقدارنا.
----------------
ومضة:
ليس كل ما يُعلم يُقال.. وليس كل ما يُقال عِلمٌ يُؤخذ به.