قوات السلطان المسلحة.. هنئتم بيومكم الماجد

سارة بنت علي البريكية

عندما تقلب أمَّات الكتب، وتستقرئ التاريخ باستفاضة وتمعُّن، تجد أن بقعة عربية وجدت في الجنوب الشرقي لشبه الجزيرة العربية، حباها الله بنعم كثيرة، استدعى الأمر المحافظة عليها، وجعلها مؤمنة بما يكفل لأهلها الطمأنينة والانتفاع بها دائما، من أجل العيش عليها بأمان واستقرار وهناء، وحينما يقدر لك أن تطأ قدماك ثراها وأديمها، ستجد أنَّ رب العزة والجلال اختصَّها بعادات وتقاليد عربية أصيلة، وبخيرات جمة متعددة؛ ومنها: موقعها الجغرافي الإستراتيجي المتميز، وصفات أهلها الطيبين الكرام ذوي النبل والشهامة والنخوة والعروبة والسماحة والدين.

هنا.. حينما تشرع للذاكرة والعقل نوافذ شتى لاستحضار عمن تقرأ عنه الآن، فإنه منذ وهلة، سيتبادر إلى ذهنك عزيزي القارئ أنك تقرأ عن عمان المجد والتاريخ والعزة والسلام والأمان، هذه البلاد التي اعتصم أهلها منذ القدم بحب قائدهم وأوطانهم، والتفوا حوله على كلمة سواء: "الله..الوطن..السلطان، يعيش جلالة السلطان قابوس المعظم (ثلاثا)"، جزء من أهلها ارتبطوا بالبحر، وصاروا نواخذة وبحارة مهرة جابوا البحار والمحيطات، وركبوا الأهوال والخطب الجسام مطوعين الأحوال مع صوت النهام واليامال، فيابستهم جاورت خليج وبحر عمان ومضيق هرمز والمحيط الهندي، وجزء آخر منهم يتبسطون الصحراء ورمال آل وهيبة والسهل والجبل، وبرعوا في تطويع الطبيعة، وتخبروا طرقاتها ومساراتها،  وقديما وجدت مساكنهم من مواد بسيطة وسهلة، كالطين حيث السبلة التي كانوا يلتقون فيها وعرشانهم وخيماتهم.

وقد أخذ تفق الصمعاء وأبو عشر والسكتون وأبو خمس وأبو فتيلة.. وهي أنواع من بنادق الرماية التقليدية، ركن لهن في تلك المآوي والنزل ومختلف البيوت الاثرية والقديمة، فكان وجود تلك الأسلحة رمز للشجاعة والبطولة والرجولة، وأخذ طفلهم وشابهم يتقنها ويتدرب عليها ويتعامل معها بحرفية ومهنية عالية، آخذين في الاعتبار "علموا أولادكم الرماية"، دافعًا لهم ليكون الأبناء مهرة في الرماية.

إنه ومنذ بزوغ فجر النهضة المباركة، وقف العمانيون على اهتمام جلالة السلطان قابوس بالرماية، فهو عسكري فذ وضابط كبير والقائد الأعلى للقوات المسلحة؛ فكم من مناسبة وطنية ظهر فيها جلالته -أعاده الله إلينا سالما غانما- وهو ممسك بالبندقية، يطلق منها أعيرة نارية في الهواء، إشارة إلى الكفاءة والقوة والشجاعة.

وكذلك الحال في جولات جلالته السنوية، كان يخصِّص جزءًا من وقته لممارسة الرمايات المختلفة على الأسلحة الثقيلة كالرشاشات والأسلحة المتوسطة، فنشأ العماني متأثرا ومتعلما من جلالته بما كان يشاهده منه، وهو مهتم بالرماية ومحب لها وبارع في كيفية التعامل مع أي سلاح كان نوعه.

ومنذ نشأة القوات المسلحة والمسميات التي مرت بها، وهي تقوم بواجباتها على أكمل وجه ممكن، وما ألفه العماني منذ صغره في التعامل مع مختلف البنادق التقليدية، أكسبه ذلك مهارة وخبرة، عندما أصبح كثيرٌ منهم عسكريين في مواقع العمل والبناء.

وفي العهد الزاهر الميمون، شهدت قوات السلطان المسلحة اهتماما كبيرا من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم القائد الأعلى للقوات المسلحة -يحفظه الله ورعاه- شمل كافة مجالاتها من تحديث وتنظيم وتطور في العدة والعتاد.

وفي هذا اليوم الماجد الذي تحتفل فيه قوات السلطان المسلحة بيومها السنوي، الذي يوافق الحادي عشر من ديسبمر؛ فإننا نستطيع القول بأنَّ قوات جلالته المسلحة قد أصبحت قوة عسكرية متميزة يضرب بها الأمثال من حيث كفاءة منتسبيها، تضارع مثيلاتها في دول العالم المتقدم.

ونستذكرُ هنا قول جلالته عندما قال: "يسرُّنا أن نحيي قواتنا المسلحة الباسلة بكل قطاعاتها في جميع ثغور الوطن العزيز، على دورها الوطني الجليل الذي يلقى منا كل التقدير على الدوام، مُؤكدين سعينا المستمر -بعون الله- في مدها بكل ما هو ضروري من المعدات للقيام بأداء واجبها ورسالتها النبيلة في حماية تراب الوطن والذود عن مكتسباته".

وفي هذا اليوم الذي تحتفلُ فيه القوات المسلحة بيومها المجيد في مختلف قطاعاتها وتشكيلاتها، فإننا نرفع أكفَّ الضراعة والدعاء إلى الله عز وجل بأنْ يحفظ جلالة القائد الأعلى ويشفيه ويعافيه، ويبقيه على الدوام تاجًا فوق رؤوسنا وهو بصحة وعافية.

كما يسرُّنا في هذه المناسبة أن نبارك لمنتسبي قواتنا المسلحة يومهم الماجد، مُهنئين إياهم على المستوى المتطور الذي يظهرون به في مختلف المحافل ومواقع العمل والواجب، معربين لهم عن فخرنا واعتزازنا بهم. سائلين الله العلي القدير لهم كل التوفيق والتقدم والتطور على مختلف المستويات والأصعدة، مؤكدين اعتزازنا بهم وأن بلادنا بتضحياتهم ووفائهم -بإذن الله- في أمن وأمان، فنحن معكم كل في موقعه، فيد تبني ويد تحمل السلاح وبالله التوفيق.