جابر العماني
لقد بتنا نعيش اليوم زمن العولمة وتضخُّم الفتن التي تأتينا كقطع الليل من خلال الإعلام المسموم الذي سخّر وسائله المُختلفة لإسقاط الكثير من شبابنا وفتياتنا في مهالك الفساد والانحلال الأخلاقي، بحيث لا تجلس في مجلس إلّا وتأتيك أخبار المُنهزمين أمام شهواتهم كتعاطي المخدرات وارتكاب الرذائل والفواحش والمُلهيات .
ولعلّ من أخطر وأعظم الفتن التي قد يُواجهها الشباب في عصرنا الحاضر هي فتنة النساء وهذا ما نلمسه من خلال :
* تبرُّج النساء في القنوات الفضائية التي تبيح النظر إلى الأجساد شبه العارية .
*المواقع الإباحية والتي يسهل الوصول إليها عبر الشبكة العنكبوتية بطرق مُختلفة، وهي بدورها باتت تُهدّد المجتمع بالويلات عبر عرض المرأة كسلعة رخيصة لا قيمة لها، وهي التي كرَّمها الله وأعزها وأمر بحفظها وصيانتها .
*كثرة المجلات والصحف المقروءة التي جعلت من صفحاتها محلاً للتجارة عبر عرضها لصور النساء المتبرجات تبرج الجاهلية الأولى .
* تفاقم مشكلة المُهاتفات والمُعاكسات بكثرة من خلال توفير الأجهزة الذكية الخاصة والتي أصبحت اليوم فرصة سانحة للتواصل الخفي بين المُراهقين والمراهقات مع عدم وجود الرقابة من قبل أولياء الأمور .
*خروج الفتيات المُراهقات إلى الأماكن العامة كالأسواق والمتنزهات بالملابس الضيقة والمكياج الفاتن والباهر وعدم الاهتمام بالحجاب الشرعي .
إنَّ لباس المرأة المحتشم في الإسلام جزءٌ لا يتجزأ من دينها الأصيل، فكل شبرٍ من لباسها يُمثّل الأطروحة السماوية المتمثلة في الشريعة السمحاء، ولذا ميّز الله سبحانه وتعالى المرأة عن الرجل بأن جعل لباسها وحده عبادة لله سبحانه، فالمرأة إما أن تساهم في عفة الشباب وحفظهم من خلال حفظها لحجابها وسترها لمفاتنها، وإما أن تدفعهم إلى طريق الانحراف من خلال تحطيمهم وإغوائهم، لا بل وحتى إخراجهم من النور إلى الظلمات، وذلك من خلال إظهار مفاتنها وزينتها الجذابة وإبداء جمالها الفاتن، فالمرأة الأصيلة هي تلك المحافظة على سترها وحجابها وهي وحدها من تستطيع فعلاً أن تساهم في نظافة مجتمعها من الرذائل والموبقات والذنوب، ولها بذلك عند الله الأجر العظيم، فإليها يعود الفضل في بناء وحفظ من حولها من الشباب، في حين أنَّ المرأة التي ترتدي الملابس الضيقة والفاضحة والملونة والمزركشة وتخرج بها أمام الجميع وتدعي أنَّها شريفة في نفسها وأسرتها ومجتمعها، فهي تكذب على نفسها أولاً، وعلى دينها ومجتمعها ثانياً، فهي بلباسها الفاضح تساهم وتساعد في إفساد المجتمع وأفراده عبر نشر الرذيلة والمعصية. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنَّ الدنيا حلوة خَضِرة، وإنَّ الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإنَّ أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ما تركت بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء، وأخوف ما أخاف على أمتي النساء والخمر .
إنَّ ما صرح به الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ما هو إلاَّ تنبيه هام للمجتمع وأفراده حيث الهدف منه حفظ الشباب وسلامتهم وعافيتهم وصحتهم في الداخل الاجتماعي من فتنة المرأة الفاسدة، لذا أمر الله سبحانه وتعالى الرجال بغضِّ أبصارهم عن محارم الله تعالى فقال: "قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ". فقد تميز العرب بالرجولة وبحفظ أعراض الناس وحمايتها ولذا يقول عنترة بن شداد :
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي
حتى يواري جارتي مأواها
وقال آخر :
ما إن دعاني الهوى لفاحشة إلا نهاني الحياء والكرم
فلا إلى فاحش مددت يدي ولا مشت بي لريبة قدم
لذا فإنّ المتأمل لعواقب فتنة النساء يجد أن عواقبها أصبحت وخيمة جداً، بحيث باتت تُهدد المجتمع بالويلات والمصائب الجمَّة، فهناك شاب ينتحر لأنه مُنع من الزواج بحبيبته، وشاب يُهاجر للبحث عن زوجة كافرة، وشاب يزني بجارته أو قريبته، وغير ذلك الكثير والكثير من المشاكل والمآسي والمصائب المتفاقمة التي كان هؤلاء يعتقدون أنهم لن يصلوا إليها يوماً، ولكن الفتنة العمياء هي من أعمت قلوبهم وبصائرهم فأوصلتهم إلى شباكها فأصبحوا في الحضيض يستنجدون ولا ناصر لهم، خسروا دنياهم، وقست قلوبهم، وأمرضوا أبدانهم فأصبحوا بالتالي من النادمين الهالكين .
لذا ومن أجل ألا يقع الإنسان في فتنة النساء الفاسدات لا بدّ له من مراعاة الآتي :
* غض البصر.
*عدم الذهاب إلى أماكن الفتنة.
* تذكُّر الفاحشة وبشاعتها والعقوبة التي وضعت من أجلها.
*تجنُّب الخلوة بالمرأة من دون محرم لها .
*الزواج قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا مَعشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغضُّ للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنَّه له وجاء).
أخيراً لا بدّ أن نعلم أنَّ الله تعالى كرّم المرأة وأعزها وأجلّها واحترمها وجعلها مصدراً رئيسياً لخيرات المجتمع البشري، فجعلها الأم والمعلمة والمربية والحاضنة، لذا ينبغي عليها أن تكون كما أراد الله تعالى، لا أن تكون كما أراد أعداء الأمة مصدراً للفتنة والابتذال والضياع وانعدام العفة والسداد.