نداء المفاتيح - نداءٌ ثانٍ

 

مفيد خنسه | سوريا

رئيس تحرير جريدة الثورة السورية السابق

 

يا عبدُ/ عصفُ الريحِ ممتدٌ على برِّ اختيارِك ما بقيتَ على تخومِ موائدِ الأسيادِ / أمْ حسِبتْ يداك مراجعَ الأسماءِ طوبى للقصورِ/ وأنتَ مِنْ أسلافِهم ما دمتَ تحملُ ذكرَهم في طيِّ أوراقِ الجريدةِ ؟!!/ ما بكيتَ!! لأنَّ دمعَك لا يليقُ بأعينِ الأحرارِ/ تمشي حيثُ يحملُك البعيرُ!/  ولستَ تحزنُ إن جررتَ حرائرَ الكلماتِ من أبراجِ نعمتِك القديمةِ بينَ نخلِ قبابِهم/ وبقيتَ في تعدادِ خانِ المُلكِ عبداً في رقمْ.

يا عبدُ/ هذا الفقرُ تابوتُ انقيادِكَ خلفَ أزلامِ الولاةِ/ وكهفُ سَجنِكَ تحتَ صناعِ السياطِ/ وسرُّ صوتِك في القطيعِ إذا سمعتَ خطابَ حاشيةٍ تمجّدُ بالغنيّ وإن بغى! / ورضيت أن تبقى الفقيرَ! /  لأنّ من شيمِ الكريمِ إذا تنكّس ما طغى! / وإذا تحدثَ ما لغى! / وفرحتَ أنك فزتَ بالعيشِ الفضيلِ/ ولم تكنْ ممنْ رماهُ السهمُ/ هذا أخٌ لبى نداءَ ضميرِه متنكّراً لقطيعكِ المرميِّ خلفَ سياجِه/ أختٌ رأتْ في البختِ محراثاً لأحلامٍ تراودُ بحرَها/ والأمُّ كنتَ سريرَ بهجتِها وسرَّ غنائِها/ والجارُ مثلَك كنتما  صنوانِ تستبقانِ في سوقِ الخدمْ.

يا عبدُ / لولا فقرِك الأبديِّ منْ أينَ الغنيُّ بواحةِ القصرِ اعتلى ؟! / وتجمَّل الأسيادُ في أثوابِ مدحِكَ بالغيومِ / فأمطرتْ بكلامِك العسليِّ فوقَ بيادرِ الأوطانِ من نارٍ وسمْ

يا عبدُ/ هذا البيتُ آلةُ سفرِك الطينيِّ/ أنتَ سفيرُه/ مرضيةً دخلتْ إلى محرابِ روضتِه الطيورُ/ وفي فناءِ روايةِ الجدرانِ راضيةً تجففُ إرثَها الأوراقُ من أحزانِ نافذتيك/ هذا الوردُ يشهدُ أن باباً سوف يشكو إن دعاه البرقُ يومًا/ سوف يفشي العطرُ سرَّ مديحِك العلنيِّ للسجانِ في سجنٍ رضيتَ له اختيارَك/ هل لراعٍ أن يريدَ لنايِه قفصاً ومنْ أنغامِها طارتْ بخافقِه النسائمُ وانتشى برغيفِه حرًّا؟!/ وهل بدويةٌ رضيتْ بغيرِ خبائِها لفتى أزاحَ الليلَ عن صحرائِها وهوى إلى أنجادِها غيثاً فعمْ.

يا عبدُ / هذا القهرُ إرثُ يديكَ/ ما كتبت! / وما أخذت! / وأعطت! / ما شكوتَ لأنَّ هذا الفجرَ محكومٌ بإرثِ الخوفِ في عينيكَ/ هذا النورُ مسجونٌ بليلِ الظلمِ بين يديك/ هذا الصوتُ أقوى من نداءِ لسانِك الملجومِ/ قدْ أغناكَ هذا الخوفُ عن رفضِ انقيادِك بينَ قطعانِ العبيدِ إلى الكتابةِ مثلما يحلو لأصحابِ الجرائدِ في ربيعِ مواسمِ الأسواقِ من عمرِ الخطيئةِ/ أنتَ من صنّاع هذا القهرِ/ من حراسِ وقتِ فصولِه/ أنت المورَّث والمورِّث/ والمحدَّث والمحدِّث/ إنْ ظُلمتَ فأنتَ أولُ من ظَلَمْ.

يا عبدُ/ هذا الوقتُ سهمُ قيامِك الموصولُ في غدِك المؤجَّلِ/ خطُّ قوسِك في مدارِ القطبِ/ ظلُّ حنينِك الأبديِّ/ رسمُ خطاكِ/ هذا الوقتُ مكتوبٌ عليكَ إنِ اقتفيتِ بيانَه بلغَتْ فواصلُ عمرِك الآتي تراتيبَ الهجاءِ وما شككْتَ بما حَكَمْ.

تعليق عبر الفيس بوك