مفاتيح النجاح

 

 

جابر حسين العماني

 

 عند تأملنا للحياة نجدها مليئة بالفُرص التي من خلالها يستطيع الإنسان الوصول إلى أهدافه المنشودة، وغاياته المطلوبة. فالإنسان في حياته غالباً ما يقع في مستنقع الفشل الذي عادة ما يكون سلماً للنجاح في كثير من الأحيان.

 ومن المعلوم أنَّ للنجاح فصولاً مودوعة في داخل الإنسان فهو لايحتاج إلى الكثير من التعلم من أجل تحقيق الإنجازات التي يطمح إليها، ولكن الأهم من كل ذلك عليه أن يُحدد أهدافه ويشد عزمه ويقوي إرادته في الحياة، ليتمكن من تحقيق ما يصبو إليه. فالطيار مثلاً لا يمكنه التحليق بطائرته من دون تحديد هدفه، ألا وهو مكان هبوطه، فلا يوجد عاقل في هذا العالم يطير بطائرته من دون أن يقصد مكاناً معيناً، وكذلك هو حال الطفل الصغير الذي يلعب بالمكعبات ويضع مكعباً فوق الآخر فإنَّه إن لم يعين أو يخطط الشكل الذي يُريده فلن يصل حتماً إلى تحقيق هدفه.

 

 لابد للإنسان أن يُحدد أهدافه ويسعى جاهداً لتحقيقها بشكل دؤوب حتى ولو وقع في شباك الفشل عليه ألا يجعل منه حجر عثرة يُعيقه عن الوصول إلى النجاح، بل على العكس يعتبره تجربة تقوده إلى الإبداع والتألق والتفوق، فلا يوجد في الحياة إنسان ناجح إلاّ وتعرض للكثير من التحديات والصعوبات ولكن من خلال تحديد الهدف والإصرار يستطيع الوصول إلى تحقيق ما يطمح إليه، وهنا علينا أن نستذكر أشهر الشخصيات التي عرفها العالم البشري والتي استطاعت مواجهة الفشل والتغلب عليه، وقد أصبحت اليوم شخصيات عظيمة استفاد منها المجتمع البشري.

* توماس إديسون مخترع الكهرباء كان أستاذه يقول عنه:إنه طالب غبي صعب الاستيعاب، لا يستطيع أن يتعلم شيئاً، ولكنه سعى وتعلم من فشله وصار مخترعاً عظيماً للكهرباء وما من ضوء كهربائي نراه اليوم إلاّ بسبب هذا المخترع الناجح والعبقري.

*والت ديزني رجل أعمال ومنتج ومخرج ذكر أنه طرد من مقر عمله، والغريب أنَّه أعلن إفلاسه عدة مرات، ولكنه استفاد من فشله وتجاربه وفتح شركة والت ديزني وهي أكبر شركات وسائل الإعلام والترفيه في العالم، وتقدر اليوم مبيعاتها بثلاثة ملايين دولار سنوياً.

* آينشتاين عالم الفيزياء وهو أحد أعظم العقول المتفتقة بالعلم في القرن العشرين يذكر أنَّه لم يتمكن من نطق الحروف إلاّ في عمر الأربع سنوات، ولم يستطع تعلُّم القراءة إلا في سن السبع سنوات. كان أستاذه يقول عنه:إنه بطيء الفهم والإدراك، ولكنه استطاع بقوة إرادته أن يتغلب على فشله وأصبح رجلاً من أهم العقول التي عرفتها البشرية.

*سقراط الفيلسوف اليوناني عُرف بالولد الشقي الذي لا يحمل أية مبادئ وقيم، ولكنه كبُر وتغلب على فشله، فأصبح من أفضل الفلاسفة على مرِّ العصور والدهور .

*بيل غيتس رجل أعمال ومُبرمج أمريكي، عُرف بأغنى رجل في العالم ترك الجامعة وهو من أسس شركة مايكروسوفت وعمره عشرون سنة، حارب الفشل بقوة إرادته فأصبح دخله اليومي يصل لـ9.36 مليون دولار.

هؤلاء جعلوا من فشلهم تجارب أخذت بأيديهم إلى الازدهار الاجتماعي والنجاح المدروس والمحقق، وهنا لابد من معرفة مفردات ضرورية جداً لنيل النجاح والوصول إليه بشكل أيسر وأسرع وأفضل أذكر منها:

* التوكل على الله سبحانه وتعالى وطلب التوفيق والنجاح منه.

 ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ﴾ "الشعراء217"

﴿ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ ﴾ "النمل: 79"

* استغلال الفرص والمواقع المهمة بقدر الإمكان، وهذا ما نلمسه ونستفيده من قصة نبي الله يوسف عليه السلام، عندما عرفوا براءته وأرادوا إخراجه من السجن قال له عزيز مصر: إنك لدينا مكين أمين قال: اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم، هنا نبي الله يوسف عليه السلام يُعلمنا كيف استغل الفرصة وكيف طلب موقعاً هاماً للغاية، وهو أن يكون مسؤولاً على خزائن الأرض، فلو لم يستغل الفرصة السانحة له ولم يعرض نفسه لنيل الموقع المهم لما كان عزيز مصر.

* الاجتهاد والمثابرة "لكل مجتهد نصيب "قال تعالى :﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالمُؤْمِنُونَ﴾ "التوبة: 105".

فالنجاح يحتاج إلى الجد والاجتهاد والمثابرة بشكل دائم من دون توقف أو ملل أو ضجر.

* القدوة الحسنة فلابد من الاقتداء بالناجحين في الحياة والاستفادة من تجاربهم وإمكانياتهم المتاحة والسير على نهجهم وسيرتهم.

*الصبر، وهو مفتاح الفرج، لذا على الإنسان أن يعلم أن النجاح لا يأتي في ليلة وضحاها، بل يأتي بعد أيام من الصبر والتضحية والمثابرة .

 

*عدم الاستسلام للفشل، فمن طبيعة الإنسان في كل مشاريعه الحياتية قد تواجهه العثرات التي لا بد منها والتي قد تتسبب له بالإحباط والفشل، لذا عليه أن لاينظر تحت قدميه، بل ينظر إلى الأمام، لكي يستطيع تحقيق الهدف الذي يوصله إلى النجاح، ذلك من خلال التقدم وعدم الخوف.

قَالَ الإِمَامُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ(عليه السلام):"إِذَا هِبْتَ أَمْراً فَقَعْ فِيهِ، فَإِنَّ شِدَّةَ تَوَقِّيهِ أَعْظَمُ مِمَّا تَخَافُ مِنْهُ".

أخيراً عليك أن تعلم أن النجاح هو أفضل ما يتمناه الإنسان في حياته، ولذا عليك أن تستفيد جيداً من مفاتيح النجاح وذلك من خلال فهمها وتطبيقها على الواقع الأسري والاجتماعي، لتستطيع بعد ذلك تذوق حلاوة النجاح والتألق والإبداع، فالحياة ماهي إلا سلسلة كبيرة من الإحباطات والفشل، عادة ما تنتهي بالانتصار والنجاح العظيم، بشرط أن تجعل من نفسك شخصية مثابرة قادرة على مواجهة الفشل بكل صعوباته، فالفشل ليس سقوطا بقدر ما هو محفز فعَّال للسير قدمًا نحو النجاح.