المعتصم البوسعيدي
لقد عُرفت "شعرة معاوية" كمثال لوسطية التعامل التي تكفُل الاستمرارية؛ حيث يقول معاوية بن أبي سفيان: "لو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، كانوا إذا مدوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها"، وقد استحضرتني هذه المقولة بعد رسالة من صديق، هو لاعب دولي سابق للكرة الطائرة، يُعاتبني فيها على مقالي في الأسبوع الماضي "طائرة الأمل"، الذي رأى فيه مدحًا مبالغًا فيه لاتحاد كرة الطائرة العُماني، مع أنَّ الاتحاد -حسب وجهة نظره- كثير العيوب، مستدلاً بمجموعة من النقاط على ذلك؛ الأمر الذي واجهته في مقالات أخرى عن رياضات مختلفة.
عموماً، لقد حاولت أن أصل معه في نقاشي لفكرة أننا لا يُمكن أن نغض الطرف عن المحاسن حتى لو ثمة عيوب كثيرة لدى أحدهم -سواءً على المستوى الشخصي أو المؤسسي- حيث لا كمال أو نقصان مطلقا، وصناعة الأمل من الأهمية بمكان؛ لذلك نحتاج جرعات بين هذا وذاك كشعرة معاوية تماماً، فالورد -كما يقال- يحتوي على شوك، "والحلو -أحياناً كثيرة- ما بيكمل"!
وحتى نقف مع هذه الفكرة -أي شعرة معاوية- سأتوقف مع بعض الأمثلة الواقعية في رياضتنا؛ فقبل أيام كان قص الشريط الأنيق للموسم الرياضي عبر كأس السوبر، علاوة على الافتتاح الرسمي لمجمع الرستاق الرياضي، المنشأة الأحدث في البنية التحتية الرياضية بالسلطنة، ومع أهمية هذا المجمع في البقعة الجغرافية بمحافظة جنوب الباطنة وولاية الرستاق العريقة بالتحديد، ومع مرافقه الخدمية المتنوعة، إلا أن شعرة معاوية تقف بين أهمية المجمع كبنية أساسية وبين جمود هذه البنية وعدم خروجها من دائرة الإنشاءات التقليدية المملة التي عليها كل ملاعبنا، دون أنْ نجد محاولات جدية لإيجاد الحلول الناجعة على مستوى الاتصالات وتوفير البيئة الحديثة المحفزة للتغطية الصحفية والحضور الجماهيري؛ الأمر الذي أعتقد سيتكرر مع مجمع إبراء الذي لا يزال قيد الإنشاء.
وفي الجانب الآخر، تكلمنا كثيراً عن دورينا، وما يفتقره إليه من عناصر كالاحتراف والاستثمار الجيد والجذب الجماهيري، والذي ربما يمكن ربطه بشعرة معاوية من المنظور الإيجابي الذي يشمل إطلاق اتحاد كرة القدم لجائزة المدرج الذهبي التي ستُسهم في زيادة القاعدة الجماهيرية، وهو ما لمسناه مبكراً -بشكل نسبي- في الجولة الأولى، خاصة من بعض الجماهير كجمهور نادي صحار ونادي الرستاق والجماهير السيباوية المتعطشة، والتي أتوقع سيكون لها شأن كبير في هذا الموسم، بانتظار جماهير الأندية الأخرى خاصة أندية الصفوة ذات البطولات والتاريخ كالزعيم الظفاري والملك الفنجاوي.
بعد التصريحات الأخيرة لنجم المنتخب السابق الكابتن قاسم سعيد، وقبله حديث المعلق الجميل خليل البلوشي، يبدو أنَّنا على أعتاب مرحلة جديدة من النقد وكشف الأخطاء والممارسات غير المحمودة -إن صحت- والتي لم يُصاحبها حتى الآن أي رد فعل رسمي، وأعتقد في خضم هذا التجاذب تقف شعرة معاوية بين أمرين يقودان إلى غاية واحدة؛ إمَّا الاعتراف بالخطأ وتصحيحه من خلال اتخاذ إجراءات حازمة، أو الرد الصريح والاستفادة من شفافية الاتحاد المعلنة في الحملة الانتخابية، وكلا الأمرين -أعتقد- يقود لعمليات التصحيح والتغيير والتطوير في الأجهزة الإدارية والفنية.
نرجُو جميعاً أن تكون لغة النقد هادئة ومتزنة تقود للبناء، وأتمنَّى أن يكون هناك استماع جدي -من المسؤول على وجه الخصوص- لكل ما يطرح بعيداً عن "الشخصنة"، وكم أتمنى أن نجد عند وقوع الخطأ من يعترف به؛ لأن ذلك -حتماً- سيقود لأول خطوات النجاح، والاختلاف سُنَّة من سُنن الحياة، وهو رحمة ولولاه "لبارة السلع"، فلنتجاذب الأفكار ولنتمسك دائماً بشعرة معاوية.