مرشحو الشورى.. أسئلة الكفاءة والتغيير

 

 

د. سيف بن ناصر المعمري

 

لا تزال الانتخابات في عُمان موضوعاً خصباً للتحليل والدراسة رغم مرور ما يقرب من ثلاثة عقود على بداية مجلس الشورى الذي أريد له أن يكون مؤشرا على تحول ديمقراطي في عُمان.  وهو تحول لا يزال من المبكر الحكم على نتائجه وتأثيراته في إحداث توازن في القوى المحركة للفعل التنموي في عُمان؛ فهذا التوازن بعد هذه العقود لا يزال لصالح كفة واحدة هي الحكومة التي لم ينجح المجلس في ضبط إيقاع التشريع والرقابة على وزرائها وسياساتهم ومشاريع مؤسساتهم ولقد أرجع هذا إلى عوامل عدة أهمها مستوى أعضاء المجلس وكفاءتهم وهو ما موضوعنا لهذا المقال الذي يتزامن مع فترة الدعاية الانتخابية التي تكمن أهميتها في أنها تُحدد نضج الانتخابات في أي بلد وأيضاً تعكس قوة المجلس من خلال كفاءة الأعضاء الذين سيشغلون مقاعده 85 هذا فضلاً عن أنها تعكس قوة المجلس الجديد المنتخب.

لا شك أنَّ الدعاية الانتخابية تعكس آيديولوجية تنموية معينة يؤمن بها المرشحون تختلف أو تتقاطع مع الآيديولوجية التي تتبناها الحكومة وهي تقدم تصورا لنهج أفضل لمُعالجة المشكلات المزمنة في الوقت المتاح وهو فترة المجلس وذلك من خلال بوابتي التشريع. والرقابة؛ وتقديم هذه الآيديولوجية كنهج بديل من قبل المرشحين هو ما يعكس وجود فكر قوي يقف خلف هذا المرشح أو ذاك وبالتالي يجعل موقعه في سلم القوة والكفاءة يصعد عن بقية المرشحين؛ وفي الجانب الآخر غياب هذه الآيديولوجية أو ضبابيتها أو تبنيها لآيديولوجية الحكومة وخطابها يجعل ينزل بالمرشح في سلم الكفاءة  العملية والتنموية.

تتبع ما ظهر من دعاية انتخابية من قبل بعض المرشحين بعد إعلان القوائم النهائية يجعلنا بعد التحليل نصنف المرشحين وفق ما قدموه عبر ملصقات أو مقاطع مرئية أو من خلال التجمعات والتكتلات إلى الآيديولوحيات الآتية:

 

أولاً: آيديولوجيا التغيير وهذه تظهر بشكل محدود جدًا في خطاب فئة قليلة جداً نستبعد من ضمنهم الذين يستخدمون الكلمة فقط في بطاقاتهم الدعائية لأنها لا يسندها خطاب لجوانب التغيير المراد الاشتغال عليها؛ والفئة القليلة التي ضمنت خطابها رؤية تغيرية قدمت خطابًا عاماً لم تحدد فيه إلى أين يجب أن نتجه وهذا يقدم مؤشرات سلبية عن الكفاءة التي يقال إنهم ترشحوا بسببها أو انتخبوا من قبل تكتل انتخابي بسببها.

ثانياً: آيدولوجيا المنافع الاجتماعية وهذه يغلب عليها خطاب المنافع الاجتماعية التي تقدم بشكل موسمي ومؤقت مثل الأعراس الجماعية أو تعشيب الملاعب أو هدايا في يوم المعلمين وهذه يمكن أن يطلق عليها آيديولوجيا الأخذ والعطاء وعادة ما تقود الأغلبية إلى المجلس وهي أغلبية تكون عادة صامتة لا يعنيها التغيير بقدر ما يعنيها مضاعفة مكاسبها الاجتماعية والاقتصادية من خلال وجودها في المجلس.

 

ثالثا: آيديولوجيا الدعم القبلي وهذه تركز دعايتها وخطابها على أهمية الظهور القبلي في المجلس وعادة تكتسب شرعيتها وقوتها من خلال ترشيح أفراد من المشيخات القبلية بعضهم قد يكون ذا كفاءة والبعض الآخر لا يحملون إلا القوة القبلية ولكن في كل الحالات. فإن هؤلاء لا يحملون أي نزعة تغيرية نظراً لتقاطع المصالح والمناصب مع الحكومة ويميلون إلى تبني الآيديولوجيا الحكومية للتنمية.

رابعًا: آيديولوجيا الكفاءة العلمية، والتي تركز على أهمية المدخل العلمي في النهوض التنموي ومعالجة المشكلات القادمة ونقطة القوة في خطاب هذا الاتجاه هي القدرة على تقديم رؤية واضحة أما نقاط الضعف فهي افتقاد الدعم الاقتصادي والقبلي.

 

خامسًا آيديولوجيا الرضا الإلهي وهذه يغلب عليها تسويق الشخصية الدينية على حساب الخطاب الانتخابي ويركز هؤلاء على دورهم في العمل الديني التطوعي ولكن يميلون إلى عدم دعم التغيير في الملفات الوطنية إلا إن كانت تدعم موقفهم في ولاياتهم.

سدساً آيديولوجيا الفئات الضعيفة وهي تركز على خطاب خاص متعلق بالفئة التي تنتمي إليها وخاصة المرأة التي تحاول إبراز ظلم المرأة في المشاركة السياسية والتي لا تتناسب ودورها التنموي وعادة تكون فرص هذه الفئات قليلة في الوصول للمجلس.

 

سابعاً آيديولوجيا الكومبارس وهذه تركز على إشباع رغبة الظهور لدى الفرد ويكتفي من النجاح بظهور الاسم والصورة وعادة لا يحمل هؤلاء ونسبتهم تصل إلى ما يزيد من الثلث أي ثقل لا من حيث الخطاب ولا القوة الداعمة اقتصادياً وقبلياً.

 

هذه الآيديلوجيات التي تحكم المرشحين إلى الشورى في الفترة التاسعة ويبدو أن آيديولوجيا التغيير هي أقل آيديولوجيا ظهورا وهو ما يجعل الأسئلة مفتوحة حول الكفاءة وأيضا حول قوة المجلس القادم.