قراءة في رواية "يوري إله السمكة السوداء" لـ"عبد الحليم حمود"

...
...
...

 

مجدولين الجرماني| إعلامية سورية

 

 

تم نشر الرواية عن طريق دار حواس اللبنانية وقد بدأ الكاتب والفنان اللبناني "عبد الحليم حمود" روايته برسالة سرية مبطنة تقوم برحلة كونية لتعود له فيقول (إلى الـ " هو " خاصتي) فردوس العبث، نزق المخيلة، صندوق الرغبة، يذكرني بنيتشه وقانونه المنفرد، هو الكمال بذاته.

 يتداخل الكاتب مع شخصيته الحقيقية كفنان بحيث يعتبر نفسه أو جلده لوحة باستطاعته تشكيلها كما يرغب، يختبر كل ضربة فرشاة ...ماذا ستفعل بالقماش ؟ أو إذا غير ضربة فرشاته ما النتيجة بحياته، هو يريد الحياة بكل اختباراتها من الم ،فرح ،لكن بقرار منه (سفينة ثيسيوس).

تبحر في وعي الكاتب وإدراكه اللامتناهي لمنهل ثقافته الواسع ، نظريات الفلسفة المشبع بها ذاته، لكنه يصر على اختبار عمقها، (إدراكنا للأمور يرسم لها حدودا، لهذاالله مجرد، أبعد من إطارات مخيلاتنا، يرمي لنا الخيط ويختفي خلف سحاب كثيف)، يدخلنا لتلافيف تخيلاته، وتوقعاته ، ويزجنا بالمعقول واللامعقول، ويذهب بتطلعات النفس البشرية وقدراتها لآخر مدى في مغامراته التي تبدو لك للوهلة الأولى رحلة عبثية؛ لكن عندما تنسجم مع طاقاتك الكونية وشهواتك المخبأة في الأعماق تدرك حالا أنه يتحدث عني وعنك، عن رغباتنا المكبوتة، وتطلعاتنا التي تحد بأسوار المجتمع المقيد لكل ما يعيدك لفطرتك، ويتحدى الطوائف ومقولاتها ليبقي على إنسان يفهمك يتعانق مع رغباتك وهذا ما يظهره بحبيبته مايا، المشابهة له في غرابة أطواره والداعمة لكل خطوة يقوم بها، لدرجة النهاية هو هي وهذا رسالة ثانية يبعثها الكاتب بعمق فلسفته، كما يوضح بشكل جلي عمل الشبكة والقرصنة، والبرامج الإنسانية التي يتم التلاعب بها، لنخلص لنتيجة: كل منا يريد التحرر من قيوده لكنه فقط يريد المفتاح، لفكرة الإله وفرزه حسب رغباتنا.

أخيرًا والنهاية التي تحيط بفكرة الذكورة المسيطرة والمقدسة والمهيمنة على العالم النسويّ الشاسع حسب مجتمعاتنا، وتغيير مسار البطل في الرواية، يجعلك تقف مشدوها تفكر بخبايا النفس البشرية وما يدور حولك من مهاترات ولغة واحدة بترددات منخفضة فقط من يبحر يفهم و يعي.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك