الوسطى واسطة العقد

عائشة البلوشية

 

ما أجملها من مُحافظة رائعة، تربط الشمال العُماني بجنوبه، تلك المحافظة ذات الغموض الساحر، ما بين الساحل والصحراء، امتداد خرافي من جمال إلهي متربع على هذه الأرض، وما بين العادات البدوية، والموروث الحضري تتمايز المشاعر المتأججة حباً لكل من زارها، ولها عندي في النفس موضع خاص، لكثرة ما سمعته عنها من حكايات جميلة من جدي سويدان بن محمد رحمه الله وطيب ثراه، فقد أخذه والده الشيخ محمد بن سعيد منذ طفولته، كي ينشأ في جدة الحراسيس على الشجاعة ويتعلم الرماية وركوب الخيل والإبل، وغيرها من أمور لا يتقنها إلا القلة، كاقتفاء الأثر وما يتعلَّق به من صفات دقيقة لصاحبه، ومعرفة مكان وجود المياه الجوفية بوفرة تحت الأرض، وعاش هناك حتى بلغ سن الرابعة عشرة، جدة الحراسيس أكبر حقل عالمي للنيازك، وذلك بحسب الهيئات الدولية ذات الاختصاص، وتجتذب العديد من العلماء الذين يبحثون في هذا المجال.

هيماء ومحوت والدقم والجازر هي ولايات محافظة الوسطى، وتمتد شواطئها الجميلة على بحر العرب، وتكتسب سحرها من صفاء مياهها، التي لونها أخضر بسبب نمو بعض النباتات البحرية في المياه الضحلة، وبسبب مناخها المعتدل ترى أسراب الطيور المُهاجرة، التي تنزل لتقتات على النباتات البحرية، أو الأسماك الصغيرة التي تختبئ بينها، ومن خضرة مياه البحر وزرقتها الساحرة، نذهب إلى جمال البحيرات الوردية في الجازر، هذا الموقع الخلاب يُعد من المواقع القليلة جدًا في العالم، حيث توجد بحيرة "توريفايجا" الوردية في أليكانتي بإسبانيا يرتحل إليها الناشدون الاستجمام والتطبب، وذلك لأن الهواء حولها يمتلئ بالأملاح المعدنية واليود، ومياهها ليست شديدة الملوحة، بوجود نوع معين من الطحالب ونوع من البكتيريا تكتسب ذلك اللون الوردي الزاهي، تحفها الفنادق والمنتجعات، وبسبب النمو المتسارع المدروس الذي تشهده الدقم، فمن الجميل أن نرى المنتجعات الصحية والسياحية، بل مدينة متكاملة المرافق حول تلك البحيرات في ولاية الجازر، فزيارة هذا النوع من البحيرات مفيدة جداً للإنسان، فهي فرصة لتقشير الجسم من خلال وضع الرمل الأبيض عليه، بالإضافة إلى تربة البحيرات التي يُمكن وضعها على الجلد لتنقيته وتخفيف آلام العضلات والمفاصل، وكذلك تخفيف أمراض الجهاز التنفسي الشائعة مثل الربو والرئتين، إن هذا مثال واحد من مئات الأفكار التي يُمكن تطبيقها ونجاحها.

 

كنَّا مع الوالد -رزقني الله حسن بره-، في رحلة إلى ولاية محوت، حيث كنَّا نتسامر عندما طرق علينا الباب، فذهبت لفتحه وإذا بجارتنا رأت المركبات في الخارج، وجاءت لنا بضيافتنا، أو قهوتنا كما قالت لي يومها، ثم ودعتنا بعد أن قمنا بالواجب معها، وهي عادة جميلة بين العُمانيين، عندما يرون أن ضيفاً قد حلَّ بين ظهرانيهم، يذهبون إليه حاملين له ضيافته، ترحيبًا منهم، وكانت هدية الجارة عبارة عن طبق من الربيان الجامبو (الكبير)، الذي لم أر كحجمه في حياتي إلا ذلك اليوم، ولا أذكر أنني تذوقت ربيانا كبيرا ألذ من ذلك الذي جربته في ولاية محوت، حيث يتم اصطياد ذلك النوع الكبير الحجم من منطقة "الخلوف"، وما دعاء رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم عنَّا ببعيد،  حين سأل الله أن يُبارك لنا في صيدنا، فاللهم آمين، وزد وبارك وأدم علينا نعمائك يا الله.

إنَّ محافظة الوسطى تنتظر منِّا الكثير  من العمل والتوعية، فمنطقة الدقم الصناعية أرض واعدة بالكثير والكثير من الخير، وكل شبر في محافظة الوسطى يعد بالرزق والخير، وإلى جانب المشاريع الاستثمارية الضخمة، فإنَّ هنالك الكثير من الأفكار التي يمكن لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة تنفيذها بنجاح.

 

 

توقيع:

"أحلى من العقد لباسه..

ألماس أنت،

تلبس ألماسه"

"أحلى من العقد .. لبَّاسه

يزهى بها العقد في جيده

ألماسةٍ تِلبس ألماسه

ما زانها الجوهر .. تزينه

سيد الغنادير يا سيده"

خالد بن يزيد.