حول العالم.. وحولنا!

المعتصم البوسعيدي

إن ما يجري في عالم الرياضة من أحداثٍ حول العالم وحولنا في مُحِيطنا المحلي، يجعلنا نتأمل سطورها التي لا تقبل التأويل، وسطورها الأخرى التي تُخفي خلفها حقائق شتى "لمن ألقى السمع وهو شهيد".

في مُباراةِ دراميةً حبست الأنفاس وتلاعبت بالمشاعر، نجحَ الصربي جوكوفيتش في حسمها والحصول لقبِ ويمبلدون من المايسترو روجر فيدرر؛ حيث استمرت المباراة ما يُقارب الخمس ساعات تفوق فيها الصربي بشوطِ كسر الإرسال في المجموعةِ الخامسةِ والأخيرة، وقد قدمت المباراة لنا دروسًا كثيرة في الصبرِ والمثابرةِ وعدم اليأسِ واللياقةِ الذهنيةِ العالية لكلا اللاعبين، كما أنها أكدت أنَّ العمر مجرد رقم للسويسري الرائع الذي يزحف نحو الأربعين، وهو يُعد أحد أفضل لاعبي التنس على مستوى التاريخ، بل أفضلهم حسب ما يمتلكه من أرقامٍ وإحصائيات.

لقد كانَ مشهد ختام بطولة الأمم الإفريقية سعيداً للجمهورِ العربي بحصولِ الفريق الجزائري على اللقبِ بعد الفوز على مُنتخبِ السنغال في المباراةِ النهائية، كان مشهداً كرس الحاجة العربية إلى الفرحةِ وسط الأوضاعِ العامة التي تشهدها الساحة السياسية المُلتهبة، حاجة أرتبطت باللحمة والألفة والتعاون بين الشعوب بعيداً على كل الشتات التي نعيشه يوماً بعد يوم، إضافة إلى جمالِ الاستقبال المُهيب لعناصر محاربي الصحراء من جهة ولاعبي منتخب السنغال من جهة أخرى، علاوة على الاستقبال الرائع لطاقمِ التحكيم الكاميروني الذي أدارَ النهائي الإفريقي في مشهدٍ قلما نراه على كافةِ الأصعدة؛ الأمر الذي يُعد مؤشراً إيجابيا ودليلاً على قيمة التكريم والتقدير لكل صاحب إنجاز مهما أختلفَ مجاله.

يترقبُ الجمهور الرياضي انطلاقةَ الدوريات الأوروبية بكُلِ شغف، ويستمتع بمشاهدةِ التحضيرات التي تُجريها الأندية من هُنا وهُناك، ولعلَّ حسرتنا كجمهور عُماني تقع على عدمِ قدرتنا على استضافةِ أحد هذه الأندية هُنا في السلطنة، ونحن نمتلك وجهتين مُهمتين -على أقل تقدير- لكسب رِهَان ذلك؛ هما: الجبل الأخضر ومحافظة ظفار، إلا أننا -وللأسف الشديد- نفتقرُ للبنيةِ التحتية المُناسبة، والفكرِ الذي يستثمر مثل هذه الفرص، كما أن التحضيرات تشملُ أنديتنا المحلية التي بدأ بعضها بالعملِ الجيد في سوقِ الانتقالات وببدءِ تحضيراتها للموسم القادم، ويتبوأ نادي ظفار الريادة والجدية الفعلية  لتعزيزِ زعامته، وربما الظهور الجيد في البطولاتِ الخارجية.

إنَّ الحديثَ عن المشهدِ المحلي الرياضي يُحتِم علينا الحديث على بطولةِ "شجع فريقك" التي تحظى بزخمٍ إعلامي كبير "وماكلة الجو" بين وسطنا الرياضي بالرغمِ من أنها -ومن وجهة نظري، وكما يقول المثل الشعبي- "ما تأرسة محارة"؛ فجوانبها المُضيئة التي نعترف بها لا تمثل إضافة لخارطة الكرة العُمانية التي ينقصها بوصلة الرؤية السليمة، فكل الاتجاهات فيها لا تقود لشيء مُحدد إلا بعثرة جديدة في بعثراتٍ سابقة لا تجد من يلملمها أو يقف على فجواتها المتسعة شيئاً فشيئا.

درس من عالمِ التنس: عندما سُئل جوكو فيتش بعد فوزه ببطولة ويمبلدون الأخيرة أمام روجر فيدرر وعن كيفية انتزاعه اللقب؟! أجاب: "تظلُ تذكر نفسك أنكَ هُنا لسببٍ مُحدد وأنك أفضل من مُنافسك. أنا أرتجف وأشعر بسعادةٍ لا توصف بوجودي هنا كفائز. كنت على بُعد ضربةً واحدة من خسارةِ اللقب. أعتقد أنها كانت أكثر المباريات النهائية التي لعبتها إثارة".