الوضع الاقتصادي يشكو.. فهل من مجيب؟

خلفان الطوقي

إذا كُنت تاجرا أو موظفا في القطاع الخاص، أو مستثمرا في العقار أو الأسهم؛ فمن المؤكد أنَّك لاحظت أن هناك تباطؤًا شديدًا في مبيعاتك أو نزولا في قيمة عقارك أو أسهمك، أو أنك سمعت من المدير المالي أنَّ هناك حزمة من القرارات هدفها تقليل المصاريف أو العلاوات؛ بسبب قلة المبيعات خلال السنوات الأربعة الماضية، وأنَّ هذه الإجراءات الضرورية هي الطريقة الوحيدة لاستمرار نشاطنا التجاري في السوق، وإن كُنت مواطنا لا تهتم بتفاصيل الوضع الاقتصادي، فمن المؤكد على الأقل أنك سمعت أن هناك صعوبة في التوظيف بسبب المعاناة التي تُواجهها الشركات القائمة، وتسريح بعض موظفيها، أو قرأت بعض الأخبار هنا أو هناك أن كثيرا من الوافدين غادروا السلطنة، أو أنك لاحظت أن حركة المجمعات قلت فيها حركة الناس عن السابق، كل هذه المؤشرات والمشاهدات المختصرة دون الدخول في تفاصيل تدلُّ على أن الوضع الاقتصادي يعاني ويشكو.

ففي حال أننا اتفقنا على أنَّ الوضع الاقتصادي الحالي يعاني، والقطاع الخاص يشتكي من تحديات حقيقية من كل النواحي والزوايا، فلمن يشكو ويصرخ؟ الحل أن يشكو للحكومة، لأن الحكومة هي من تسن السياسات النقدية والمالية والاقتصادية والعمالية...وغيرها من السياسات التي تضمن لها مخزونا ماليا جيدا للحاضر والمستقبل، وتضمن قيام أنشطة تجارية تقدم خدمات وسلعا وتحقق أرباحا مقبولة تساعدها في الاستمرارية والتوسع إن أرادت ذلك، وسط بيئة صحية آمنة ومستقرة، ومن خلال هذه السياسات يُمكن أن تقيس جميع الأوضاع، ولأنَّ المقال يُركز على الوضع الاقتصادي، فإنَّ الحكومة تستطيع أن تقيس الوضع الاقتصادي من خلال أرقام وإحصائيات ومقارنات ومشاهدات وتجيب عن السؤال: هل هناك نمو في الوضع الاقتصادي أو أن هناك تباطأ يعتريه؟ في كلا الحالتين لابد للحكومة أن تتدخل سواء في حالة النمو الاقتصادي أو التباطؤ، لكن تدخلها يكون ضروريًّا وحتميًّا في حالة انحدار الوضع؛ لأن الانحدار يعني عواقب وخيمة بدءًا من عدم إمكانية دفع الضريبة من القطاع الخاص إلى الحكومة، والذي يعتبر موردا ماليا لخزينة الدولة، بل أكثر من ذلك، فإنه يعني تسريح موظفين أو التقليل من رواتبهم ومزاياهم المالية السابقة، كما يعني ضعف القوة الشرائية للمستهلك؛ مما يعني إغلاق الكثير من الأنشطة التجارية القائمة، وخلو العقارات من سكانها، ونزول حاد في أسعار الأراضي والأسهم، وقس على ذلك جميع الأنشطة التجارية من قلة الحركة في الطيران والمطارات والموانئ، وهلمَّ جرًّا في كافة الأنشطة الكلية أو الجزئية.

إن صدقت مقدمة المقال هذه في نقل المشاهدات وما يتداوله الناس في جلساتهم الخاصة -بشكل مختصر جدا- والتي تعكس الوضع الاقتصادي الحالي وما تمر به السلطنة، فهل التدخل المتوقع للحكومة هو أن تفرض ضرائب إضافية وترفع من الرسوم الخدمية في معظم الجهات الحكومية الخدمية، وتزيد من فترات استصدار التراخيص دون تحديد واضح لكل ترخيص، أو أن تكون "ترموميتر" دقيقا وواقعيا يقيس نبض الشارع التجاري، ليقوم بفرض سياسات وحزم "إنعاش" سريعة واستثنائية تضمن حياة صحية ومستدامة للوضع الاقتصادي الحالي واستمراريته وانتعاشه، الجواب لا يكمن في جهة واحدة، بل أتوقع أنه يكمن في جميع المجالس والجهات الحكومية المعنية بقيادة الملف الاقتصادي في السلطنة.