"نيويورك تايمز" تجيب على سؤال: هل تقف إيران وراء "هجمات ناقلات النفط"؟!

مقالة مترجمة بقلم إليوت هيجنز المدير التنفيذي لتجمع "بيلينغ كات" للتحقيقات على الإنترنت، نشرتها صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

ترجمة- رنا عبد الحكيم

 

اتسع نطاق السخرية في جميع أنحاء العالم من المزاعم الأمريكية بأن الهجمات على ناقلتي نفط في بحر عمان يوم الخميس الماضي نفذتها إيران، فقد نفت الأخيرة هذا الاتهام، وعلى موقع تويتر التصق مصطلح "خليج تونكين" إلى جانب "بحر عمان"، في ربط تاريخي بحادثة وقعت إبان عهد الرئيس الأمريكي ليندون جونسون قد أقنع الكونجرس بالسماح له بعملية عسكرية في فيتنام، في إشارة إلى "حادثة خليج تونكين"؛ حيث تم اتهام الفيتناميين الشماليين بمهاجمة المدمرات الأمريكية في الخليج عام 1964. لكن الحقائق أظهرت بعد ذلك أن الهجوم لم يحدث البتة، وأن حيلة جونسون الآن ربما تتكرر.

ومع تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط منذ الهجمات على أربع ناقلات قبالة سواحل الإمارات العربية المتحدة في مايو الماضي، أصبح فهم ما حدث ومن يقع عليه اللوم أمرًا بالغ الأهمية، وهل يمكن أن يكون هجوم بحر عمان هو نسخة القرن الحادي والعشرين من حادثة خليج تونكين؟

فبفضل الإنترنت والمعلومات المتاحة للجمهور، أصبح تأكيد أو نفي هذا الهجوم أسهل بكثير مقارنة بالستينيات، فمسافة عدة آلاف من الأميال لا تعني الكثير اليوم. ويمكن الآن العثور على الأدوات والمعلومات مثل صور الأقمار الصناعية- والتي كانت متاحة فقط لوكالات الاستخبارات آنذاك- من خلال برمجيات وتطبيقات نستخدمها يوميا مثل خرائط جوجل. كما تسمح وسائل التواصل الاجتماعي للأشخاص بمشاركة المعلومات مع أي طرف آخر مهما بعدت المسافة. إضافة إلى أن قواعد البيانات على الإنترنت التي تحتوي على جميع أنواع المعلومات متاحة الآن للجميع في أي مكان، ومن خلال قواعد البيانات هذه يمكننا أن نبدأ تحقيقنا في ما حدث في بحر عمان.

وذكرت التقارير الأولية أن السفن المهاجمة هي  Kokuka CourageousوFront Altai، لكن كيف يمكننا التأكد من دقة هذه الأسماء عندما نكون على بعد آلاف الأميال دون وجود مراسلين في مكان قريب من الحادث؟

تتيح مواقع تتبع السفن التي تقوم بجمع البيانات المرسلة من آلاف السفن من قوارب الصيد إلى سفن الرحلات البحرية عبر العالم في الوقت الفعلي، إمكانية البحث عن السفن والعثور على موقعها الحالي. ويمكن العثور على Kokuka Courageous وFront Altair على موقع التعقب MarineTraffic، والذي أظهر كلتا السفينتين في طريق مسدود في بحر عمان. ونشرت MarineTraffic مسارات السفينتين عبر الخليج على حساب Twitter الخاص بها.

وتلى تقارير الهجوم صورًا تدعي أنها أظهرت أضرارًا بكلتا السفينتين، بما في ذلك حريق هائل على سطح السفية فرونت ألتير. وكان من المستحيل قراءة العلامات على السفن في الصور، لكن مستخدمي موقع MarineTraffic تمكنوا من التأكد من مطابقة السفن لتصميمات السفينتين. ذلك لأن مستخدمي MarineTraffic يصورون السفن ويشاركون الصور على الموقع. ويمكن لأي شخص رؤيتهم والتحقق مما إذا كانت السفينة التي ينظرون إليها هي التي يُزعم أنها كذلك.

وبالمثل، ينشر موقع Sentinel Hub الصور التي التقطتها أقماره الصناعية، وبعد فترة وجيزة من الحادث الذي وقع في بحر عمان، ظهرت صورة للناقلة Altair Front وهي مشتعلة.

ومع تأكيد الحادث، كان السؤال هو: ماذا حدث للسفن؟

قدمت القيادة المركزية الأمريكية إجابة واحدة، ونشرت بيانًا مفصلًا حول نشاط السفينتين اللتين لاحظتهما القوات البحرية الأمريكية في المنطقة. وتضمن البيان صوراً لسفينة Kokuka Courageous تظهر ثقبًا على أحد جانبي السفينة، إلى جانب جسم على جانب هيكل السفينة، وأوضح البيان أنه "من المحتمل أن يكون لغمًا غير منفجر".

وإلى جانب البيان والصورة، نُشر مقطع فيديو يظهر ما زُعم أنه زورق دورية تابع للحرس الثوري الإيراني، يزيل لغما غير منفجر من هيكل Kokuka Courageous، مما يعني أن إيران هي التي وضعت اللغم هناك، وكانت تستعيد الدليل على تورطها.

وبالنظر إلى الأهمية السياسية ومصدر البيان، فمن الضروري التحقق من المطالبات المقدمة. وماذا يمكن أن نرى في هذه الأدلة الأمريكية؟

تظهر علامات متطابقة على جانب Kokuka Courageous أعلى اللغم المزعوم في كل من صور السفينة وفي الفيديو الذي يظهر إزالته الواضحة بواسطة قارب دورية تابع للحرس الثوري الإيراني. كما تُظهر الصور ومقاطع الفيديو التي نشرتها شبكة Press TV الإيرانية نفس النوع من زوارق الدورية كجزء من حفل بمناسبة تسليم هذه السفن إلى الحرس الثوري الإيراني.

ومع ذلك، فإن مقاطع الفيديو والصور التي نشرتها الولايات المتحدة لا تظهر التفاصيل المهمة، فالجسم الذي وصف بأنه "لغم محتمل" غير واضح في الصورة المعروضة بما يكفي للتحقق من ذلك.

ولا شيء يمكن تقديمه كدليل يثبت أن الهدف وُضع بأيدي الإيرانيين، يظهر الفيديو فقط أن الإيرانيين اختاروا إزالته لسبب غير معروف حتى الآن.

وهذا جانب مهم بشكل خاص في ضوء تصريح يوكاتا كاتادا رئيس شركة Kokuka Courageous، بأن الطاقم أبلغ عن تعرض السفينة لهجوم من "جسم طائر". وأضاف كاتادا: "لا أعتقد أنه كانت هناك قنبلة موقوتة أو جسم متصل بجانب السفينة".

وفي حين أننا لا نستطيع أن نتأكد ما إذا كان هذا حادثًا يشابه حادثة خليج تونكين، يمكننا القول على وجه اليقين إن هذا ليس دليلًا على الضربة القاضية التي يود البعض أن يصف تلك الحوادث بها. ففي النزاع المتصاعد بين الولايات المتحدة وإيران، علينا أن نعمل على جميع المعلومات المتاحة، وليس فقط ما يقدمه جانب واحد.

تعليق عبر الفيس بوك