الزمالك البطل

وليد الخفيف

في مشهد مهيب، عنوانه العظمة والشموخ والروح الرياضة، مكانه استاد الجيش الباسل بالإسكندرية، وبين أنصاره المُخلصين الذين زحفوا خلفه من كل حدب وصوب، وُضِع التاج الإفريقي على رأس الزمالك المصري العريق؛ لينادَى به بطلا متوَّجا بكأس الاتحاد الإفريقي، مُستعيدا جانبا من بريقه البهي، عائدا إلى مكانِه الطبيعي على منصات المجد الإفريقي، ليعود زئيره يملأ أرجاء القارة السمراء، وينشد رجاله لحن الوفاء.

قالوا خاسرين إن زمانه اندسر وراح، ووصفوه بأنه الحلقة الأضعف في المجموعة! قالوا كَذبا إنَّ مصر العظيمة بها قطب أوحد! ولكن زعمهم تبدَّد بضياء الكأس الذي أضحى يزين خزائن ملوك ميت عقبة، ليُكمل عقد الاثنى عشر لقبا إفريقيًّا حصدهم الزمالك بعرق رجاله ومساندة جماهيره وكفى، ولا يزال بوسعه في موسم استثنائي أن يحصد اللقبين المحليين، وأن يعتلي السوبر وعرش القارة.

اللقب ليس بيت القصيد؛ فلأنه ملك القارة السمراء، فمنصات التتويج قبلته، واللقب دومًا أينما ذهب وارتحل مقصده، إنما القصة في جمهور راقٍ عريض، مُخلص للعريق، تحمل مشقة السفر والترحال صائمين، وحرارة الطقس غادرت الأربعين، فانتفضوا من كل ربوع مصر المحروسة الآمنة مُلبين النداء، متوشحين بعلم أبيض رمز الصفاء، ليصلوا بأمان إلى الإسكندرية المصرية بأرضها الزعفران، وسر بحرها سيد البحار، ليقيموا شعائر رمضان في أحضانها ويفطر في مدجاتها ثمانون ألفا أو يزيدون، كما التف الملايين أمام شاشات التلفاز بقلوب تنبض حبًّا، وبلسان يدعو نصرًا.. فمن أيِّ طينة أنتم أيها العظماء؟ ماذا زرع فيكم آباؤكم الشرفاء لحب الكيان؟ أي جين تحملون لعلهم يستلهمون؟ لقد كُنتم وما زلتم وستبقون دوم الدهر وأيامه نموذجا لرُقي المدرجات، ومادة خام للإخلاص، لقد قُلتم للعالم من هو الزمالك، واستعرضتم قوتكم متحافلين مع رجال جيشكم الباسل الذين شاركوا الأفراح، وأكدتم أن عدد البطولات لا يصنع الشعبية، وإنما تصنعها كرة القدم الحقيقية بأخلاقها الثرية، وبقيمة نجوم كانوا الرعيل الأول فهم من صنعوا شعبية تجاوزت الأسوار المحلية، فالفوز حرَّك جموع جماهيرك الوفية في كل ربوع الوطن العربي الكبير.

أمَّا قصة التحدي، ففصولها قديمة، تُطِل علينا من آن لآخر بأقنعة ترتدي ثوب الصلاح، فحجم المكائد التي حِيكت بإحكام بقصد إجهاض الأماني البيضاء كانت عظيمة، ولكن هيهات هيهات.. لقد عبر رجالك جسورَ المؤامرة بأمان إلى آفاق المجد، حاملين مشاعل نور أضاءت سماء الإسكندرية.

ففي الوقت الذي يجب فيه على اتحاد كرة القدم المصري أن يُسخِّر كل طاقاته وإمكاناته لمساندة ممثل الوطن، سعى جاهدا لفتح ملفات المؤجلات؛ حيث البضاعة التي رُدَّت إليهم، ودعا متأثرا بتعادل الأهلي مع الأسماعيلي بضرورة أن يلعب الزمالك كل مؤجلاته قبل انطلاق بطولة إفريقيا، فدخل مجلس شوبير في حالة انعقاد دائمة، بقَصد تشتيت تركيز الأبيض قبل أيام من النهائي الكبير، تزامنا مع إطلاق أذرعتهم الإعلامية الصفراء بوابل من الأحقاد، ولكن دعوات الملايين من جماهيرك والنخبة من جماهير مصر جمعاء، تحت مظلة إدارة قوية تبدَّدت على صلابتها أطماعهم فعادوا خائبين.. عاش سهمك يا الأبيض صائبا، وظلت مدرستك رمز الفن والهندسة باقية.