"فورين بوليسي": 3 قادة عرب يضغطون على ترامب لدعم حفتر في ليبيا

ترجمة- رنا عبدالحكيم

حذر تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية من أن الولايات المتحدة بقيادة الرئيس الحالي دونالد ترامب، ربما تتورط في حرب فاشلة أخرى في ليبيا، في ظل دعم ترامب الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر الذي يقود "الجيش الوطني الليبي (قوات شرق ليبا)، وألمحت إلى أن 3 قادة عرب يضغطون على ترامب لدعم حفتر.

وأجرى ترامب اتصالا هاتفيا مع حفتر قبل أيام، وذكرت مصادر في البيت الأبيض أن الاتصال هدف إلى "الاعتراف بالدور المهم الذي يلعبه حفتر في مكافحة الإرهاب وتأمين موارد ليبيا النفطية". وقال بيان من البيت الأبيض: "الزعيمان  ناقشا رؤية مشتركة لانتقال ليبيا إلى نظام سياسي ديمقراطي مستقر، وأن المحادثة الهاتفية  هدفت إلى تقديم دعم ترامب لهجوم حفتر العسكري على العاصمة الليبية طرابلس".

وتصاعدت حملة حفتر، العسكري السابق الذي يحمل رتبة مشير، في الأيام الأخيرة لتشمل غارات جوية متعددة وهجمات برية تسببت حتى الآن في وفاة أكثر من 250 شخص وأكثر من 1000 مصاب بينهم مدنيين وأطفال، حسب منظمات حقوقية.

وترى المجلة الأمريكية أن تقديم الدعم لحفتر يعني أن ترامب تجاهل- مرة أخرى- كبار مستشاريه للأمن القومي، فقد عارضوا بشدة الهجوم العسكري الأخير لحفتر. وقبل أسبوعين فقط صرح وزير الخارجية مايك بومبو بإن الولايات المتحدة حثت على "الوقف الفوري" لعمليات حفتر العسكرية، التي وصفها بأنها "تعرض المدنيين للخطر وتقوض جهود بناء مستقبل أفضل لجميع الليبيين"، ووافقه الرأي لاحقا باتريك شاناهان نائب وزير الدفاع الأمريكي قائلا "إن الحل العسكري ليس هو ما تحتاجه ليبيا".

واعتبرت المجلة أن بيان البيت الأبيض مثل انتكاسة جذرية لسياسات الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، لكنها قالت إن مثل هذه الانتكاسات لم تكن الأولى من نوعها. ففي يونيو 2017 غرد ترامب على موقع تويتر معلنا دعمه لمقاطعة قطر، بقيادة المملكة العربية السعودية، بينما كان وزيرا الداخلية والدفاع الأمريكيين لا يزالان يعبران عن دعمهما للعلاقات الاستراتيجية الأمريكية القطرية. وفي أواخر العام الماضي، أعلن ترامب انسحاباً كاملا وفورياً للقوات الأمريكية في سوريا، بعد أيام فقط من إصرار كبار مسؤولي السياسة الخارجية على بقاء القوات هناك إلى أجل غير مسمى.

وتؤكد المجلة أن سياسة ترامب تغيرت في غياب التنسيق مع مجلس الأمن القومي، وبدلا من ذلك فقد تأثر ترامب بالمحادثات مع القادة الإقليمين، مضيفة أنه لم يكن من قبيل الصدفة أن يعلن ترامب دعمه لحفتر بعد أقل من أسبوعين من التحدث مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والذي وصفته المجلة بـ"الرجل القوي"، إلى جانب محادثات ترامب مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، والثلاثة من المؤيدين لحفتر عسكريا وماليا.

وأوضحت "فورين بوليسي" أن رؤية ترامب للأحداث في ليبيا تستند إلى أن حفتر يخوض حربا ضد الإرهابيين ويعمل عن كثب مع الولايات المتحدة وشركائها نحو قيادة ليبيا إلى "نظام سياسي مستقر وديمقراطي"، وذلك نظرا إلى عدم الاستقرار الذي ابتلي به البلد الواقع في شمال أفريقيا منذ التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي "ناتو" في ليبيا في 2011. وأطاح هذا التدخل بالرئيس الراحل معمر القذافي، وتبع ذلك فراغا أمنيا وتناحرا بين الميلشيات المسلحة والقبائل.

لكن المجلة ترى أن رؤية حفتر لفرض الديمقراطية المستقرة في ليبيا "محض خيال". فبعيداً عن تحقيق الاستقرار في البلاد، من المرجح أن يؤجج تصعيد حفتر القتال المتجدد في هذا البلد، وتسبب في المزيد من الإرهابيين واللاجئين، علاوة على ارتفاع أسعار النفط، ما يؤدي إلى تفاقم التوترات الجيوسياسية القائمة بالفعل في المنطقة.

وخلافًا لتصريحات ترامب، ترى المجلة أن تأسيس نظام ديمقراطي في ليبيا لا يخطر على بال حفتر، بل على العكس من ذلك، فهو مؤيد علني للديكتاتورية العسكرية، بحجة أن ليبيا ليست ناضجة ديمقراطيا. والواقع أن حملته العسكرية، انطلقت قبل أيام قليلة من مؤتمر أعلنت الأمم المتحدة عن رعايته- في ذلك الوقت- بهدف التفاوض على اتفاق لتقاسم السلطة وتنظيم انتخابات، ويبدو أن إطلاق الحملة العسكرية في ذلك الوقت كان مقصود به تجنب مثل هذه النتيجة.

ولا يملك حفتر قوات عسكرية قادرة على فرض الاستقرار، فسجله في ميدان المعركة في أفضل الأحوال مختلطاً، وكانت هجماته السابقة تعتمد بشدة على المساعدة العسكرية الخارجية، بما في ذلك في شن غارات جوية من قبل الإمارات العربية المتحدة. واعتبرت المجلة أن "الجيش الوطني الليبي" في حقيقته مجموعات من  الميليشيات المتناحرة التي تتعاون مع بعضها فقط من أجل فرض السيطرة.

وأضافت المجلة أن خصوم حفتر في طرابلس، بما في ذلك ميليشيات مصراته ذات القوة القتالية العالية، يمكنهم الاعتماد على مزيد من التمويل والأسلحة من تركيا وقطر، ردًا على عمليات حفتر المدعوم من مصر ودول خليجية. واستغرق حفتر ثلاث سنوات لفرض السيطرة الكاملة على بنغازي، الواقعة ناحية الشرق. وحتى لو استولى الجيش الوطني الليبي على طرابلس بطريقة ما- وغالبا عقب معركة دامية- فإن النتيجة الأكثر ترجيحًا هي فرار عدد متزايد من اللاجئين من ديارهم إلى البلدان المجاورة وأوروبا، وهو الأمر الذي سوف يؤجج نيران الشعوبية الأوروبية.

وأوضحت المجلة أن حملة حفتر أجبرت البنتاجون على سحب الجنود الأمريكين المنخطرون في عمليات مع المليشيات الليبية المحلية ضد تنظيم "داعش". ولحفتر موقف ثابت من الإسلاميين، فقد قال إن المكان الوحيد لهم "في السجن أو تحت الأرض أو خارج البلاد". ومن شأن هجوم حتفر أن يتسبب في دفع أحزاب "الإسلام السياسي" إلى تأسيس تعاون تكتيكي مع "الإرهابيين الحقيقيين".

وبعيداً عن تحقيق الاستقرار في مبيعات النفط الليبية، من المرجح أن يؤدي هجوم حفتر على طرابلس إلى تجدد القتال حول منشآت إنتاج الخام، ووقف الصادرات، وتقليص العائدات اليت تحتاجها ليبيا، فضلا عن رفع الأسعار العالمية. ومع تعثر الجيش الوطني الليبي في طرابلس ومحيطها، يكافح حفتر لحماية المنشآت النفطية التي يسيطر عليها الآن، كما ستسعى الفصائل المعارضة لانتزاع هذه الأصول الاستراتيجية من سيطرته. وعلى الرغم من عدم الاستقرار السياسي، فإن استمرار مبيعات النفط بمثابة النقطة المضيئة نسبياً لليبيا حتى الآن؛ حيث وصل إلى أعلى مستوى في خمس سنوات وبلغ 1.28 مليون برميل يوميًا خلال العام الماضي قبل أن يتراجع إلى 900 ألف برميل يوميًا في وقت سابق من هذا العام.

وأكدت المجلة في ختام تقريرها أن الحفاظ على هذه المستويات من الصادرات والإيرادات النفطية، سيكون مستحيلا إذا استمر التصعيد العسكري في ليبيا.

تعليق عبر الفيس بوك