ملح الحياة

 

د. عبدالله بن سليمان المفرجي

دكتوراه قانون، وباحث ماجستير التربية تخصص تكنولوجيا التعليم

 

ما أجملها من لحظات الفرحة والسرور أن تنجز عملا قال عنه الآخرون بأنه مستحيل، وما أروع أن تلهج لسانك بالشكر والذكر الحسن، لمن كان لهم يد عليك بالتشجيع والتحفيز والمساعدة، والوقوف معك كالبنيان المرصوص والصرح الشامخ، انطلاقا من قوله تعالى:"وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ" [لقمان:12]. وقوله صلى الله عليه وسلم: "من لم يشكر الناس لم يشكر الله"[رواه الترمذي].

وكما يحب أن يقول لأولئك الذين كانوا يرمونه بشهب الإحباط، ووابل سهام النقد لتسفيه أفكاره الجديدة المبتكرة، وطمس أفكاره، وتحنيط عقله وفكره، شكرا لهم، فقد كانت حمم البراكين، والشهب الملتهبة، زادا أمده بطاقة فاعلة لعبور الجسور المؤصدة ولولاهم ما اجتاز المسار بأمان، وتخطى الصعاب، وتجاوز الألم، وعقم الجروح النازفة، فقد كانت قنديلا ومشعلا وقّادا ينير الدرب في ديجور الظلام.

وإذا أراد الـلـه نشــر فـضـيلـة *** طـُويـت أتـاح لهـا لسـان حسـود

لولا اشتعال النار فيما جاورت *** ما كان يُعرف طيبُ عَرف العود

يقول أفلاطون: إن تعبت في الخير فإن التعب يزول والخير يبقى.. ويقول سقراط: ليسَ العاطل مَنْ لا يؤدي عملاً فقط، بلِ العاطل منْ يؤدي عملا في وسعه أن يقوم بما هو أجَلّ منه.

فليكن التفاؤل ثقافة لا تقبل الخوف أو التوقف في وسط قطاع الطريق والمثبطين، إنها روح أخرى ملتصقة بروح صاحبها تظهر آثارها في كل خطوة يخطوها.‏ ولرُبما هذه الشدائد التي تعتري طريقك اليوم أيها العابر لمسالك النجاح والرقي، ستكون الفصول الشائقة في قصتك التي سترويها غدا للأجيال القادمة، ليقتفي الخلف بالسلف، وتستمر عجلة الحياة بناء وإعمارا، وسعادة وتطورا وابداعا، قد يكتفي المحيطون بك بمشاهدتك وأنت تسقط ولكن قد يرسل الله لك من يقوم بانتشالك من سقوطك وأنت لا تلقي له بالا "وما يعلم جنود ربك الا هو"[المدثر، ٣١].

فثق بنفسك أيها الفارس المغوار وقدس رُوحك وامضِ في مسارات الحياة مُفتخرا بذاتك، وتأكد أن هُنالك أشخاصا ينظرُون إليك، ولو أمكن لأصبحُوا أنت، فلا تحزن وتذهب نفسك حسرات على ذلك، وامض مقتفيا لسيرة حياة الناجحين واقتبس من هممهم العالية لتحصيل العلوم ونبيل العلى، وتخطي العقبات وتجاوز المحن والمصاعب.

وإذا بلغت القمة فوجه نظرك إلى السفح لترى من عاونك في الصعود إليها وأسال الله ليثبت قدميك عليها، ولا تحطم الجسور التي عبرتها فربما تحتاج إلى العودة عبرها، ‏كما لا تبصق في البئر المهجورة؛ فقد تعود لتشرب منها يوما ما!

فرق بين نقدنا للفكرة وبين كُرهنا للقائل!!

فلنكن مثل الطبيب: يهتم بمحاربة "المرض".. لا بمحاربة "المريض"، فهو يحاول أن ينقذه ويعالجه؛ لا أن يقتله. فالعقبات التي نتخطاها اليوم هي الثمن الذي يجب علينا دفعه للحصول على الإنجازات والنجاحات في الغد.

تعليق عبر الفيس بوك