اقتصادي أمريكي محذرا من "الركود الجديد": استعدوا لتباطؤ النمو

...
...
...

ترجمة- رنا عبدالحكيم

حذر اقتصادي أمريكي من احتمالية تعرض النظام الاقتصادي في الولايات المتحدة إلى حالة من الركود، في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية غير المستقرة، مشيرا إلى أنه يتعين على بنك الاحتياطي الفيدرالي وكذلك البنوك المركزية حول العالم لأخذ التدابير اللازمة لمواجهة هذا الركود، وتفادي تكرار سيناريو 2008.

وقال الخبير الاقتصادي ناريانا كوتشرلاكوتا وهو أستاذ علوم الاقتصاد بجامعة روتشستر ورئيس سابق لبنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس بولاية مينيسوتا في شمال الولايات المتحدة، إنه بعد ما يقرب من 10 سنوات من انتهاء الركود العنيف، يثير التهديد المتنامي لتباطؤ اقتصادي جديد سؤالا مقلقاً مفاده: عندما تضرب موجة الركود المقبل من جديد، ماذا الذي يمكن أن تقوم به البنوك المركزية في العالم؟

وذكر الكاتب في مقاله الذي نشره موقع بلومبرج الاقتصادي أنه مع انخفاض أسعار الفائدة، ومشكلات ميزانيات البنوك المركزية المحملة بأصول تم شراؤها لمواجهة الأزمة المالية العالمية في 2008، هل لدى هذه البنوك المركزي الأدوات اللازمة لمواجهة الركود؟

يبدو أن الاقتصاد الأمريكي قوياً في الوقت الحالي؛ حيث وصلت معدلات البطالة لمستويات منخفضة، وتراجع التضخم لمستويات قريبة جدا من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأمريكي) البالغ 2%. ومع ذلك هناك دائما العديد من المخاطر الأخرى مثل تراجع الإسكان والانخفاض الحاد في الطلب الخارجي على السلع الأمريكية وتعرض البلاد لإغلاق حكومي ممتد. ويجب أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي من الآن الاستعداد لما قد يأتي في المستقبل؛ إذ إن قوة مجلس الاحتياطي الفيدرالي في الوقت الحالي أقل من أي ركود سابق، وذلك بالنظر إلى قدرته على تحفيز النمو عبر خفض أسعار الفائدة.

وفي أوائل العقد الأول من القرن العشرين، عندما انفجرت فقاعة التكنولوجيا كان على المجلس خفض أسعار الفائدة بأكثر من 5 نقاط مئوية للحيلولة دون ارتفاع معدل البطالة بأكثر من 6%، وفي الركود الأخير ووسط الصدمة الشديدة التي أحدثتها الأزمة المالية لم يكن ذلك الإجراء كافياً. فقد قفزت البطالة إلى خانة العشرات على الرغم من تخفيض أسعار الفائدة بأكثر من 5 نقاط مئوية. وفي الوقت الراهن يبدو أن سعر الفائدة المحايد خلال السنوات القليلة المقبلة سيكون نقطة انطلاق البنك المركزي الأمريكي عندما يأتي التراجع القادم، والذ قد يكون منخفضاً بنسبة 2.5%. لذلك إذا لم يدفع هذا معدلات الفائدة إلى المنطقة السلبية- وهو ما يبدو غير مرجح- فإن استجابة البنوك المركزية ستكون حوالي نصف حجمه في آخر مرتين حدث فيهما الركود.

صحيح أن الاحتياطي الفيدرالي لا يزال يملك خيارات أخرى، فعلى سبيل المثال يمكنه شراء السندات والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري لخفض أسعار الفائدة طويلة الأجل، كما فعل لمحاربة الركود الأخير. لكن العديد من الاقتصاديين (بما فيهم كاتب المقال) لا يزالون غير مقتنعين بأن هذه الإجراءات كان لها أو سيكون لها تأثير كبير. وفي نفس الوقت يمكن اختبار إجراء جديد مثل رفع مستوى التضخم المستهدف أو استهداف الأسعار على نحو يتيح لها تعويض التضخم المفقود. ومن الناحية النظرية، يُمفترض أن يؤدي ذلك إلى زيادة توقعات التضخم لدى المستهلكين خلال فترات الركود، والتي بدورها- نظريا- ينبغي أن تحفزهم على إنفاق المزيد من النقود. لكن هناك القليل من الدلائل التي تشير إلى أن هذا سيحدث فعلياً.

ويتساءل الكاتب عما يمكن أن يتخذه الاحتياطي الفيدرالي من خطوات؟ ويرى ضرورة أن يكون بنك الاحتياطي الأمريكي أكثر صرامة في استخدام الأدوات المحددة التي لديه. وهذا يعني خفض أسعار الفائدة الآن لضمان خفض معدل البطالة إلى أبعد من ذلك. ويمكن أن يؤدي القيام بذلك أيضاً إلى نمو الطلب خلال أي ركود، بمعنى أنه إذا توقع المجتمع تعافيا اقتصاديا قويا فمن المحتمل أن يستمر المستهلكين في الإنفاق حتى في فترات الركود.

ومن العوامل المساعدة كذلك، الالتزام المسبق من هذه البنوك المركزي بالحفاظ على النمو القوي، ففي الركود الأخيرة وما تلاه من تابطؤ التعافي الاقتصادي، انتهج مجلس الاحتياطي الفيدرالي سياسة أسعار الفائدة المنخفضة إلى حد كبير، باعتبارها خطوة طارئة سيتم إزالتها خلال عام أو عاميين. وبدلا من ذلك يجب على الاحتياطي الفيدرالي الالتزام علناً بالحفاظ على أقصى قدر من الحوافز بعد الركود، لضمان تراجع معدل البطالة إلى أقل من 3%، وذلك إذا ما ظل معدل التضخم الأساسي على أساس سنوي أقل من 2.5%. ومثل هذا الالتزام- يؤكد كاتب المقال- سيكون أقوى بكثير من أي وعود أو حتى اقتراح خلال فترة التعافي الاقتصادي كما سيساعد في تقليل الضر وتسريع وتيرة التعافي.

واختتم الكاتب مقاله قائلا إن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يفتقر إلى الكثير من الأدوات التي تعينه على تجاوز الأزمات، لكنه يرى أنه قادر على تخفيق ذلك باستخدام ما يمكله بالفعل من أدوات بحكمةٍ قدر الإمكان.

تعليق عبر الفيس بوك