أطفال.. ولكن!

 

أسماء بنت غابش الخروصية

عندما ننغمس في واقع الحياة نجد مئات القصص المفرحة والمحزنة نأخذ منها دروسا وعبر حتى ندرك نعم الله وفضائله علينا. فمن هذه القصص قصة واقعية فيها من المفارقات المفرحة والمحزنة.. مفرحة لاهتمام وتكاتف المجتمع والوقوف بجانب هذه الحالات؛ ومحزنة لأنّها لا يجب أن تحدث والكل في عصر ننعم فيه بالأمن والأمان وسبل العيش الرغيد حتى في أبسط أساسيات الحياة وتأمينها طالما الإنسان يتمتع بالصحة والعافية.

سنرجع للحالة وهي واحدة من الواقع ومن الحياة فيها من العبر التي تستوقفنا، أناس يتمنون أن يرزقوا نعمة الذرية. وآخرون لا يدركون قيمة هذه النعمة يا لها من نعمة عظيمة لا يحس بها إلا من فقدها (ربي لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين).. الأطفال أحباب الله، فهم الثروة الحقيقية التي تبني عليها الأوطان، آمالها والشباب هم عمود التنمية والحضارة. وتبقى الأرض عامرة بهم، وقبل أن نعرج لقصتنا ونتعرف على تفاصيلها المؤلمة هناك وقفة لنا مع كل من ساهم وكان له الدور الإيجابي في اكتشاف هذه الحالة في زحام معترك الحياة في المجتمع، وسعت في إسعاد هؤلاء الأطفال والوقوف بجانبهم، نعم إنّها فئة من مجتمع التكافل الاجتماعي والمتطوعات في العمل الإنساني، قمن بمجهود كبير من أجل الحفاظ على هذه الأسرة من الضياع والشتات. فكان لهن السبق والدأب بكل ما استطعن به من جهود في توصيل معاناة هذه الحالة الإنسانية لكل الجهات المسؤولة لتأمين الأساسيات لهؤلاء الأطفال. نعم إنهم أطفال؛ ولكن جعلتهم الظروف كبارا.

فعندما نقول أطفال فهم أطفال في عمر الزهور أعمارهم لا تتجاوز سن الطفولة ولكنهم كبار يسابقون الزمن في تربية أنفسهم، لا خيار لهم غير ذلك أن يكونوا متماسكين ببعضهم البعض يتأملون ما حولهم من أحداث وصروف الدهر فوق مستوى أعمارهم، لأن مستواهم لا يتعدى المراحل الأولى من حياتهم، يتشوقون إلى اللعب والاستمتاع وإشباع قدراتهم الطفولية.

فسنوات أعمارهم الأولى بدأت بهم من سن الرجولة وتحمل المسؤولية لا سن الطفولة. فأخذوا يفكرون ويفكرون وماذا بعد؟ هذا حالهم فما هو حالنا بعد معرفة أحوالهم؟

من المؤكد سيرد إلى أذهاننا ألف سؤال وسؤال أين أساس هؤلاء الأطفال.. ومن المسؤول ومن سيدير شؤون هذه الأسرة الكبيرة.. أين الأب الحنون؟ أين من وضع على عاتقه مسؤولية تربية هذه الفئة في هذه السن العمرية.. أين قائد هذه الكوكبة؟

هو في عالمه الخاص من فقد الوعي وتعاطي السموم، لا جدوى، والأم هي الركن الأساسي في البيت ولكنها لم تقم بهذ الدور، فضّلت أن تتنحى جانبا لتكون لها حياة أخرى جديدة استسلاما للظروف، متناسية هذا الكم من فلذة أكبادها وهم في أمس الحاجة لها وجودها أمان لهم في تربيتهم، ويكونون لها فرحة القلب عندما يكبرون.

البيت كباقي المؤسسات لا بد له من قائد وراعٍ يحافظ على من هم فيه من أطفال حتى يستطيعوا الوصول لبر الأمان. ولكن للأسف وقف بهم الحال وهم في سن الطفولة بين مطرقة وسندان. أطفال صغار يصارعون موج معترك الحياة يقومون بكل الأدوار. أعمار متقاربة بين (2-14) حالهم يرثى له والاعتماد كله على الأخت الكبرى.

وعرفنا ذلك منذ الصغر وهذه الأعمال لا ضرر فيها على البنت تخلق منها مستقبلا أُمًّا صالحة، ولكن لا بد أن تكون تحت إشراف الأم. أمّا هذه المسكينة فوجدت نفسها أمام أمر صعب. أمام أقدار تتنازعها وتجبرها على القيام بذلك.

تخيل ذلك عزيزي القارئ: ونحن في زمن الطالب أو الطالبة وفي هذا العمر في براءة الطفولة يدرسون، ويلعبون ويمرحون في مدارسهم بين أقرانهم ومعلميهم، كم هي الظروف قاسية.. الأم لا مبالية بهذا الرزق وهذه النعمة من الأطفال. والأب خارج التغطية من المادة المسكرة.. لا تعرف من المذنب أو من المسؤول. والوضع في حيرة مع هذه الثروة البشرية التي تحتاج إلى رعاية.

هنا سؤال يطرح نفسه إلى أين تأخذنا تلك المعاناة، وغيرها ومثلها. كن لطفلك معلما وقائدا مربيا وهو طفل، وصديقا حين يكبر، سيكون لك خير معين عندما تصبح كهلا وخير سند حين تكبر.

وصدق الشاعر حيث قال:

 وينشأ ناشئ الفتيان منا ** على ما كان عوّده أبوه

 

فلنحسن تربيتهم لنجدهم عند الكبر

 

تعليق عبر الفيس بوك