الثورة في السودان.. كُتب "مفروشة" وغناء و "نوتيلا"

...
...
...
...
...
...

 

الرؤية - محمد علي العوض

المشاهد في ميدان الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش السوداني توحي بانفراج الأسارير والفكاك من الظلامات بعد طول أسر، فالابتسامة أخيرا عرفت طريقها إلى الوجوه.. حلقات وحفلات الغناء يحييها فنانون سودانيون أمثال المطربة نانسي عجاج والمطرب زولو وعدد آخر من الشباب، بجانب أهازيج المتصوفة، والليالي الشعرية والمنصات الدرامية، هذا بالطبع إلى جانب المخاطبات السياسية لتعريف الجمهور بتطورات العملية السياسية خطوة بخطوة..

الشركات السودانية والمغتربون ورجال المال تدافعوا لمد المعتصمين بالمعينات الضرورية من خيام ومظلات ودواء وطعام، ومكيفات هواء اخترعها المعتصمون لمجابهة الصيف، ولم ينسوا مصاريف النقل ذهابا وإيابا. وتقول الناشطة السودانية شاهيناز جمال أن كل شيء متوفر، ثم تضيف: (الموية بالباكتات.. العصائر.. حلاوة طحنية، الساندويتشات) وتواصل بسخرية محببة: (ياااااخ الميدان فيهو نوتيلا).. وتصف الجمع بأنه "مولد" في إشارة لساحة المولد النبوي الكريم في أمدرمان والتي تضج بالمحتفلين والزحام في شهر ربيع الأول. قبل أن تستدرك لتصف الجمع بأنه "حج" وتضيف "أفواج ومواكب داخلة على القيادة وأفواج ومواكب مارقة منها، لأنه لو الناس ما طلعت من القيادة ما في ناس ح تقدر تدخل).

من المظاهر اللافتة في الاعتصام أيضا كانت مشاركة أفراد من الجالية الهندية في السودان، بزي نسائهم المعروف وهم يرفعون شعارات الثورة، بجانب مشهد تعايش جميل؛ حيث حمى الإخوة المسيحيون الأقباط جموع المصلين يوم الجمعة الماضي من الهجمات، بل شكلوا ما يشبه أركان الخيمة وهم ممسكون بمظلة كبيرة يصلي تحتها عدد من المسلمين.

وفي مظهر ثقافي فريد يشير إلى أنّ الثورة وعي وارتقاء بمعارف المواطن أقيم الثلاثاء معرض "مفروش" للكتب أمام منصّة الدراميين بميدان الاعتصام، والذي كان يقام يوم الثلاثاء الأول من كل شهر في ساحة «أتنيه» وسط الخرطوم القديمة؛ قبل أن يقدم النظام السابق على إيقافه في 2015 لدواعٍ وصفها بالأمنية. ومفروش عبارة عن معرض كتب. ويتميّز المعرض بأنّه يسمح للزائرين بأن "يفرشوا" بأنفسهم كتبهم القديمة على الأرض، مقابل بيعها بمبالغ مالية بسيطة، أو استبدالها بعناوين أخرى.

الملاحظ أنّه رغم مشاركة آلاف الفتيات السودانيات في التظاهر والاعتصام إلا أنّ مضابط اللجان القانونية والشكاوى لم تسجل أي حالة «تحرش جنسي».

تعليق عبر الفيس بوك