منتخب الأرجنتين والروح الانهزامية

 

حسين بن علي الغافري

خَسِر المنتخبُ الأرجنتينيُّ مباراته الودية، أمس الأول، أمام جاره في القارة اللاتينية منتخب فنزويلا، وهو على موعد ودي آخر أمام المنتخب المغربي في طنجة.

 طبيعي أنَّ اللقاء ودي والهزيمة واردة، دون التفات مركز عليها؛ فالأولى الوقوف على استعدادات اللاعبين، والشكل الخططي، ومدى الجاهزية الفنية، فضلاً عن التجربة لعدد من الأسماء، وعودة النجم الأول ميسي بعد توقفه الطويل بعد صدمة نهائيات كأس العالم بروسيا 2018. ولكن ما حدث أن سيل الانتقادات انسكب بغزارة شديدة، وبات الشغل الشاغل، حتى إنَّ هناك من يقول بأن إصابة ميسي وعدم تمكنه من اللعب في طنجة ما هي إلا "مسرحية" مقصدها التراخي وعدم تحمل المسؤولية في قيادة المنتخب. مباراة وديّة حُمّلت أكثر من أهدافها، وتفرَّعت أسبابها لما هو أبعد، فما هي مشكلة منتخب الأرجنتين بالضبط؟ وكيف لمنتخب يملك أسماء عملاقة أن ينهض ويقارع كبار العالم ويحقق المونديال القادم؟ وكيف يمكن أن تكون بداية العودة الصحيحة؟

الإعلام -والصحافة خصوصا- بمختلف أشكاله أقام الدنيا، ولم يهدأ له بال بعد "الهزيمة الودية"، ولعلَّني ذكرت أنها "ودية" أكثر من مرة لعلمي أنها لا أهمية تذكر من نتيجتها، وعُدّنا مجدداً إلى تحميل ميسي السقوط بثلاثية أمام فنزويلا، وهنا ندرك تماماً أن الأجواء التي يمر بها المنتخب الأرجنتيني ضبابية وسلبية إلى الغاية وليست صحية. والظروف التي تجمع اللاعبين بالقميص الأزرق أصبحت مشحونة إلى حدٍّ كبير؛ الأمر الذي يدفعنا للقول بأن ما يعيشه المنتخب وإدارته بات السبب الأول في المشوار السلبي الذي يحدث منذ قبل نهائيات كأس العالم في ألمانيا عام 2006، وصولاً لنهائيات كأس العالم قبل الأخيرة في البرازيل، والتي خسرها المنتخب بهدف قاتل في الأشواط الإضافية أمام الألمان.

صحيح أنَّ المنتخب لا يؤدي بطريقة تشعر من خلالها أنه قادر على تحقيق شيء ما، كما أن مستوى الطمأنينة من ناحية الجماهير يبدو ضعيفًا وفي أدنى مستوياته، وشخصيًّا أصبحت مقتنعاً بأن الأزمة لا يمكن حلّها دون جلب مدرب بشخصية يسحب الثقل كله من على ظهور اللاعبين، ويخفف مستوى الطموحات قليلاً -دون تجاهل تحقيقها- مدرب يعمل على الجانب النفسي قبل الخططي، ويخلصهم من الروح الانهزامية التي يعيشها الجميع، وينطلق من الصفر من حيث بناء مجموعة تتلاءم مع طموحاته وأفكاره، وتتكامل مع بعضها البعض، ويستهل بمباريات ودية مع منتخبات مغمورة؛ ليُكسبها بما يمكّنه من أهداف. ولعل الفترة الحالية تمتلك الأرجنتين عدداً من الأسماء التي لها وزنها وثقلها وقادرة على تقديم شيء معقول ومقبول.. أمثال سيميوني وبوكاتينهو وبيلسا والبقية.