ناصر العبري
منذ أربع سنوات وصحفنا الورقيّة تواجه واحدة من أعنف الأزمات في تاريخها، حيث تجابه تحدياتٍ كبيرة بل عنيفة، تهدد بقاءها واستمراريتها؛ وهذا التحدي يكمن في تراجع الاشتراكات والإعلانات، التي تمثل المصدر الوحيد لتمويل الرواتب ومصاريف الطباعة، ومما يفاقم الأزمة أن يتم اتخاذ قرارات تضر بالصحف، منها تقليص اشتراكات المؤسسات أو تحويل بعض الإعلانات لتكون إلكترونية فقط، فمتى يمكن للصحف المحلية أن تتنفس الصعداء؟!
الأزمة ليست في الصحف فقط، لكن في معظم المجالات الأخرى مثل التجارة والعقارات وغيرها، حيث نواجه تحديات اقتصادية متتابعة منذ تراجع أسعار النفط، على الرغم من جهود الحكومة في تعزيز التنويع الاقتصادي وإيجاد مصادر دخل بديلة، وهي عملية تستغرق وقتا لا يمكننا أن نرى نتائجها في غضون عام أو عامين. لذا لا بد للقطاع الخاص وبالشراكة مع الحكومة أن يعملا سويا على تنشيط الأنشطة التجارية والاقتصادية المختلفة، وهناك دور كبير ملقى على عاتق الشركات والمؤسسات الكبرى التي تحقق أرباحا بالملايين وتدفع ضرائب لا تمثل سوى القليل جدا، هذه الشركات عليها دور رئيس في انعاش الاقتصاد ودعم المؤسسات من خلال الإسهام بقوة في المنظومة العامة، وبالنسبة للصحف، يمكن لهذه المؤسسات والشركات الكبيرة أن تزيد من حجم اشتراكاتها وتعزز من إعلاناتها في الصحف، وكذلك المواقع الإلكترونية للصحف، كما يجب على الجهات المعنية إلزام هذه الشركات والمحلات التجارية مثل المولات بوضع الإعلانات التجارية في الصحف بدلا من أن تقوم بتوزيع منشوراتها أمام المساجد والجوامع والمدارس وأمام منازل المواطنين.
ويجب زيادة الاشتراكات للمؤسسات الحكوميّة والخاصة في الجرائد اليومية وهو يمثل دعمًا للاستمرارية. كما أنّ هناك الكثير من القطاعات تعاني أسوة بالصحف وأسباب هذه الأزمة عالمية وإقليمية ومحلية، والتعامل مع الازمة لا يزال بعيدا عن الجدية والمبادرات؛ ونكتفي بردود الأفعال فقط في هذه المرحلة.
إنّ الصحف المحلية بحاجة ماسة إلى منحها دعما ماليا يكفيها لمدة لا تقل عن خمس سنوات وقطع أراض استثمارية تستثمر فيها مثل إقامة مدارس خاصة وحدائق ومجمّعات تجارية تعود عليها بالنفع وتغطي المصاريف الكبيرة التي تُنفقها الصحف في شراء الورق والطباعة ورواتب الموظفين والكهرباء وغير ذلك من مصاريف. كما على الجهات المعنية تخفيض رسوم الجمارك على الورق والأحبار المستوردة بما يساعد في خفض تكلفة الطباعة على الصحف والتي تستحوذ على جانب كبير من ميزانيات الصحف اليومية.
وأود هنا أن أشكر جمعيّة الصحفيين العمانية على ما تقوم به من ندوات وتواصل مستمر مع الجهات المعنية للتخفيف من هذه الأزمة والحفاظ على استمرارية صحفنا العمانية كونها المرأة العاكسة للنهضة التنموية التي تشهدها بلادنا العزيزة تحت القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه-.