الشورى بين الأمس واليوم

 

 حمد بن صالح العلوي

 

نرجع قليلا إلى الأيام الخوالي التي مضت أيام آبائنا وأجدادنا الذين يفكرون عن بعد والذين يخططون ويدبرون ويديرون شؤون البلاد بكل حنكة ودراية وعمق في التفكير قبل إصدار أي حكم أو قيام أي فعل يتشاورون فيما بينهم مؤمنين بقول لله تعالى "... وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ.." وأتذكر في الثمانينيات حينما كنا نجتمع مع كبار القوم ونحن جلوس على رمال الساحل الناعمة مع أولات الفكر والنهى.

نرى أنّهم يتشاورون في حالهم وحال عيالهم وفي أمور بلدتهم وبلادهم وكل يدلي بدلوه ويعطي رأيه وفكره بكل بساطة ويسر، وكان في بلدتنا "العيجة" مترشحان الأول الخال والثاني ابن الأخت وبعدها تنازل ابن الأخت لخاله، فلا تسألني كيف تنازل ولم؟ وإنما أقول لك أنّه تم التنازل بناء على قرار المجتمعين وما ذلك إلا احترام للكلمة والوقار والاحترام، فقد تكلم من تكلم وأسهب في الحديث من أسهب، وأخذت الأقاويل أنّه إمّا خوف من خاله لتأنيبه وتوبيخه أم كبار القوم وصغارهم أو باعتباره الشيخ وصاحب الكلمة فأوامره مجابة في كل الأحوال.

 

***

ما رأيكم وبكل صراحة عمن يتصل بك يسأل عن حالك وحال عيالك وعما تريد وما لا تريد؟ ويرسل لك رسائل صباحا ومساء وأيام الجمع ويدعو لك تلك الدعوات الطويلة العريضة مرة مكتوبة وأخرى مصورة مصحوبة بصوت قارئ خاشع أو موسيقى هادئة وما ناقص إلا أن يرسل وقت الضحى ليذكرك بصلاة الضحى، ويخبرك مشروعيتها وعدد ركعاتها وفضلها وغير ذلك؛ علما بأنّ رقم هاتفك موجود عنده من سنين ومسجل في بطاقته ولم يتذكر إلا وقت حاجته ووقت ترشحه للانتخابات مارأيك به وبأمثاله فبالله عليك أترد على اتصاله أو على رسائله؟!

 

***

قرأت كما قرأ غيرك أنّه أنشئ مجلس الشورى العماني في عام 1991 ليكون بديلا عن مجلس استشاري كان موجودا منذ 1981. ويضم المجلس ممثلي ولايات سلطنة عمان الذين ينتخبون من قبل المواطنين العمانيين في انتخابات عامة تجرى كل أربعة أعوام وللمرأة فيها حق الانتخاب والترشح.

 

  • همسة..

يا من توكلت على الله واخترت مرشحك فإنّ الترشيح أمانة والاختيار أمانة ولا يختار العاقل الحكيم إلا الصالح المؤمن بقضاء حوائج الناس بلا تذمر أو ترفع ووفق الله تعالى فيمن أعطي الأمانة وحملها على عاتقه، وليتق لله تعالى في بلده وبلدته وبالقوم جميعا صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وأنثاهم، ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير..

اللهم آمين ..