خلفان الطوقي
خبرٌ مُفرح زفَّه لنا قبل أيام معالي الدكتور أحمد بن محمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات أثناء لقائه السنوي بالإعلاميين ونشطاء التواصل الاجتماعي لاستعراض ما تمَّ إنجازه في عام 2018، وما سيتم إنجازه في عام ٢٠١٩م، والخبر المُفرح كان عبارة عن مشروع "تطوير محطة برج الصحوة" كمحطة رئيسية للنقل البري في مُحافظة مسقط، وبقدر أن الخبر مفرح إلا أنَّه مفاجئ من ناحيتين، بسبب أنه لم يرد في تصريح معاليه هل سيتم إنجازه كاملاً أو البدء في البناء ميدانيًا في عام ٢٠١٩، أو أنه كان يقصد "دراسة تطوير"، علماً بأنَّ هناك دراسات موجودة في المجلس البلدي منذ أكثر من ١٧ عامًا، فإن كان يقصد بالتصريح عمل دراسة، فإنَّ الموضوع سيأخذ سنوات وسنوات، وعلى العموم، يُمكن لوزارة النقل والاتصالات إن أرادت أن تزيد من سرعة وتيرة هذا المشروع الحيوي، يمكنها أن تجد المناقشات والدراسات في محاضر اجتماعات المجلس البلدي، وما على الوزارة إلا أن تسعى للحصول على هذه الدراسات وتطويرها بما يتناسب والمتغيرات العصرية، ثانياً أن الخبر جاء متأخرًا جدا بالرغم من المطالبات والمقترحات التي تقدم بها كثيرٌ من الناس لتطوير هذه المحطة الإستراتيجية.
الوضع الحالي للمحطة عشوائي ومزرٍ ومحرج ومُحبط، وتزيد هذه الأوصاف حدة عند مُغادرة الموظفين دوامهم أو عند نهاية الأسبوع، وهذه أقل كلمات تُقال في وصف حال الوضع الحالي خاصة إذا علمنا أنَّ السلطنة احتلت المركز الأول عربيًا والثامن عالمياً في تقرير منتدى التنافسية العالمي في العام الماضي ٢٠١٨م في جودة الطرق، وهذه المحطة كان يمكن أن تكون انعكاسًا حقيقياً وأيقونة عصرية وواجهة حضارية لهذه الطفرة في مجال النقل البري تحديدًا، وعودة إلى عنوان المقالة وجزئية أن تطوير محطة برج الصحوة مطلب كل العُمانيين، ويعود ذلك للعديد من الأسباب وأهمها: من الناحية "الجغرافية" أنَّ الموقع الجغرافي والإستراتيجي الحالي لمحطة برج الصحوة، فإنها تربط بين كل المحافظات ومناطق السلطنة، فلا يُمكن لأي أحد تفاديها إلا في حالات نادرة وهي المحطة الوحيدة التي ما زال الناس يذكرونها عند ذكر الاتجاهات عند وصفهم للرحلات أو الاتجاهات إلى باقي محافظات السلطنة، أما من الناحية "السياحية" فيمكن تطويرها لتكون إحدى النقاط السياحية التي يتوقف عندها الزائر قبل سفره لمسافات طويلة إلى نزوى أو إبراء أو عبري أو غيرها من المناطق، فكما هو معلوم فإنه في الدول المتقدمة هناك محطات معروفة لدى مواطني تلك البلاد أو القاطنين فيها أو حتى سياحها، أما من الناحية "التجارية والاستثمارية" فالموضوع فيه فرصة حقيقية لتثبيت وتطبيق مبدأ الشراكة الحقيقية بحذافيرها بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص المعروف بنظام (PPP) في فتح مُزايدة عامة للانتفاع بمشروع استثماري عصري يكون موردًا مالياً لخزينة الدولة لسنوات مُعينة حسب النظم المُتبعة يربح منها الجميع من دولة وقطاع خاص ومستفيد من مواطن أو مقيم أو زائر، ويمكن للحكومة الاكتفاء بتصميم المخطط الشمولي المتكامل (master plan) والإشراف عليه، وترك الساحة لمؤسسات القطاع الخاص للتنافس فيما بينها في إنشاء وتأجير وإدارة وتطوير وفق العقد المبرم فيما بين الحكومة والقطاع الخاص.
أضف إلى ما ذكر أعلاه أن تطوير المحطة مطلب "مجتمعي" خاصة وأنَّه يخدم المواطن والمقيم والسياح أفرادا وعائلات وأصحاب سيارات الأجرة والأوتوبيسات والشاحنات بالإضافة إلى مستخدمي الطرق القريبة من هذه المحطة، وهذه شريحة كبيرة جدا تستخدمه بشكل يومي وتزيد هذه النسبة في إجازات نهاية الأسبوع والعطل الأخرى، وهؤلاء جميعًا يستحقون خدمات نوعية عصرية تحت سقف واحد تتناسب مع سمعة السلطنة وأنها دولة عصرية، خاصة وأن هذه الخدمات تعتبر من أساسيات البنية التحتية وأيضًا تخدم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ملف السلطنة في في رفع ترتيبها في مؤشرات التنافسية العالمية.
يتضح مما سبق أن هذا المشروع هام من جميع جوانبه الاجتماعية والاقتصادية والسياحية والأمنية واللوجستية، وأدعو مجلس الوزراء الموقر أن يعتبره مشروعا حيويا ويضعه في أعلى قائمة الأولويات، كما أتمنى من كل من المجلس الأعلى للتخطيط ووزارة النقل والاتصالات ووزارة الدفاع وبلدية مسقط ووزارة الإسكان وشرطة عمان السلطانية وباقي المعنيين حل الإشكاليات الفنية وتذليل كل الصعوبات والتحديات وتبرير إقامة هذا المشروع الإستراتيجي الهام بوجود "أحرامات" تابعة لجهة ما والتي عطلت وأخرت تطوير المشروع لعشرات السنوات، على أن يضع جميع هؤلاء سمعة ومصلحة "عمان" أولا وعاليا، ويعوضوا سنوات الانتظار بما يليق وينافس المحطات العصرية الموجودة حالياً، لكننا كالعادة متفائلين خيرًا من تصريح معالي الدكتور وزير النقل والاتصالات، وما لنا إلا أن نبقى متفائلين، فكما يقال:أن نصل متأخرين، خير من ألا نصل أبدًا.