صاحب القلم لا يتوقف عن الكتابة

 

طالب المقبالي

أعلنت الأسبوع الماضي توقفي عن كتابة المقالات مؤقتاً كاستراحة محارب كما يقال وذلك لالتقاط الأنفاس، وإعطاء دماغي استراحة عن التفكير في هموم المجتمع، واعداً بالعودة إلى الكتابة متى ما كان ذلك ممكناً، ومتى ما دعت الحاجة إلى ذلك.

وكنت أظن بأنّ هذا الأمر هينٌ، وأنّه من السهولة بمكان أن آخذ نفساً عميقاً بعيداً عن التفكير في الهموم والمشاكل، فمعظم كتاباتي تنصب في نقل نبض المجتمع، وتلمس الحلول لدى أصحاب القرار. ففي كل صباح كنت أتصفح جريدة الرؤية لأطلع على كل جديد، وفي كل أربعاء أرى على صفحتها الأخيرة مقالي.

أمّا الأربعاء الماضي فكان الأربعاء الثاني الذي لم أكتب فيه مقالا، فانتابني إحساس بالألم وبالضيق، ولا يمكن أن يتصور أحد هذا الألم والحسرة عندما وجدتُ الصفحة الأخيرة بدون مقال كتبته بصدق، ونقلت عبره همسة طريق مهمل، أو حفرة على الطريق لم تردم، أو فلج قد جف منبعه ويحتاج إلى تدخل، أو قرية لم تصلها خدمة الإنترنت، أو اتفاقية وقعت بملايين الريالات لتقديم خدمة لبلد ما ولم تنفذ الخدمة بالوجه الصحيح، أو حي من الأحياء الحديثة لم تصله الخدمات.

فإثر الإعلان عن هذا القرار انهالت عليّ الرسائل التي تدعوني إلى الاستمرار وعدم التوقف، وكان أولها من الكاتب القدير الأستاذ علي بن سالم كفيتان الذي كان يتحفني دوماً بتعليقاته الجميلة والمحفزة إثر كل مقال أكتبه، فقال "سوف نفتقد فكركم النير وآراءكم البناءة" ومن تعليقاته المشجعة على مقالاتي التي يقول فيها: "أنا حريص على متابعة كل كتاباتك ومهما أعدنا قراءتها فهي هادفة ولا تُمَل" فهذا الكلام من كاتب كبير يعتبر بحد ذاته شهادة وحافزا لبذل المزيد من العطاء والجد والاجتهاد.

وفي تعليق آخر يقول "مقال رائع كغيره من كتاباتك الهادفة أخي طالب حماك الله، وهذا أيضاً تعليق آخر يقول فيه: "كتاباتك دائماً مميزة وأنا أحرص على قراءتها وتوزيعها لمجموعة من الأصدقاء والمهتمين بالشأن الثقافي، وهي محل إشادة دائمة".

إنّ هذه العبارات الجميلة المحفزة تدفع بالكاتب إلى مواصلة المشوار إلى آخر رمق في حياته، فالقلم يجب ألا يجف حبره.

وهناك ردود أخرى إثر الإعلان عن التوقف المؤقت ومنها رد أحد المتابعين الكرام لمقالاتي، الأخ سامي المقبالي حيث يقول: "مقالاتك تلامس الواقع ونسعد بقراءتها وتنمي حصيلتنا اللغوية والثقافية، بوركت أناملك، ونتمنى عودتك مجدداً للكتابة، أو تزويد متابعيك ببعض المقالات الرائعة باستمرار حتى وإن لم يكن الهدف منها النشر"، وهنا أقول بأنّه ليس كل قارئ لمقال أو لقصة أو لقصيدة متذوق، فهناك فرق بين من يقرأ ويستسيغ الكلمة، وبين من يقرأ لمجرد الاطلاع، ولا يدرك أهميّة ما يقرأ.

لقد كانت حصيلة كتاباتي قبل إعلان التوقف 160 مقالاً، 100 منها تضمنها الجزء الأول من كتابي رسائل الذي تمّ نشره عام 2018 وتم التوقيع عليه في معرض الكتاب الدولي 2018، و 58 مقالاً سيتضمنها الجزء الثاني من الكتاب، ما لم أستمر في الكتابة، أما إذا واصلت الكتابة فإنّ العدد سيكبر بإذن الله، وهناك مقالات كتبتها ولم أنشرها بعد، وربما مع استئناف الكتابة سأنشرها، ومنها مقال بعنوان "طريقة اختيار الزوجة" هذا المقال كتبته منذ زمن وترددت في نشره، وأيضاً مقال "الحلم لم يتحقق لمصافحة جلالته مع مرور 48 عاماً" هذا المقال كان مخطط له أن ينشر في الأسبوع الأخير من عام 2018 لكنني آثرت تأجيله. فكم هي الرغبة شديدة لمصافحة تلك اليد الطاهرة التي رسمت بجدارة خارطة العمل في عُمان، وكتبت أبجديات هذا الوطن على ممر 48 عاماً من سنوات النهضة المباركة، وها نحن نقترب من نصف القرن ونحن نشهد تلك الإنجازات التي رسمت ملامحها تلك اليد التي تستحق التقبيل. حفظ الله قائد هذا البلد المعطاء حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم، وأمد في عمره، ومتعه بالصحة والعافية.

وهناك تعليقات ومداخلات تدخل في صميم المقالات التي أكتبها وتوضح على نقاط في ذات المقال، فإذا ما اتسع المجال لذكرها في الجزء الثاني من كتابي فسيكون على هامش كل مقال.

أسأل الله أن يعينني على تكملة هذه الرسالة بكل أمانة، وأن تتحقق كل المطالب التي أسلط الأضواء عليها في مقالاتي، وأن تجد آذاناً صاغية من أصحاب القرار في بلادنا الغالية عُمان.